محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (30)

[ 30 ] { فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ( 30 ) } .

{ فريقا هدى } بأن وفقهم للإيمان { وفريق حق عليهم الضلالة } وهم الكافرون { إنهم اتخذوا الشياطين أولياء } أي : أنصارا وأربابا { من دون الله } حيث أطاعوهم فيما أمروهم به من الكفر والمعاصي { ويحسبون أنهم مهتدون } أي : إنهم على هداية وحق فيما اعتقدوا .

الأول : قال ابن جرير{[3891]} : قوله تعالى : { ويحسبون أنهم مهتدون } من أبين الدلالة على خطأ قول من زعم أن الله لا يعذب أحدا على معصية ركبها ، أو ضلالة اعتقدها ، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها ، فيركبها عنادا منه لربه فيها . لأن ذلك لو كان كذلك ، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل ، وهو يحسب أنه مهتد ، وفريق الهدى- فرقٌ . وقد فرّق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية- انتهى- .

/ وحاصله ، كما قال القاضي : إن الآية دلت على أن الكافر المخطئ والمعاند سواء في استحقاق الذم . قال القاضي : وللفارق أن يحمله على المقصر في النظر ، أي : يحمل الضمير في { اتخذوا } على الكافر المقصر في النظر . وأما الذين اجتهدوا وبذلوا الوسع فمعذورون ، كما هو مذهب البعض- كذا في ( العناية ) .

الثاني : قال الرازي : هذه الآية تدل على أن مجرد الظن والحسبان لا يكفي في صحة الدين ، بل لابد فيه من الجزم والقطع واليقين ، لأنه تعالى عاب الكفار بأنهم يحسبون كونهم مهتدين . ولولا أن هذا الحسبان مذموم ، لما ذمهم بذلك- انتهى- .


[3891]:- انظر الصفحة رقم 388 من الجزء الثاني عشر ن تفسيره (طبعة المعارف).