الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (30)

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { قل أمر ربي بالقسط } قال : بالعدل { وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد } قال : إلى الكعبة حيث صليتم في كنيسة أو غيرها { كما بدأكم تعودون } قال : شقي أو سعيد .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله { وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون } يقول : اخلصوا له الدين كما بدأكم في زمان آدم حيث فطرهم على الإِسلام يقول : فادعوه كذلك لا تدعوا لها غيره وأمرهم أن يخلصوا له الدين والدعوة والعمل ، ثم يوجهوا وجوههم إلى البيت الحرام .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { كما بدأكم تعودون . . . } الآية . قال : إن الله بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً ، كما قال { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } [ التغابن : 2 ] ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمناً وكافراً .

وأخرج ابن جرير عن جابر في الآية قال : يبعثون على ما كانوا عليه ، المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { كما بدأكم تعودون } { فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة } .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله { كما بدأكم تعودون } قال : من ابتدأ الله خلقه على الهدى والسعادة صيره إلى ما ابتدأ عليه خلقه ، كما فعل بالسحرة ابتدأ خلقهم على الهدى والسعادة حتى توفاهم مسلمين ، وكما فعل بإبليس ابتدأ خلقه على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره الله إلى ما ابتدأ خلقه عليه من الكفر . قال الله تعالى { وكان من الكافرين } [ البقرة : 34 ] .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { كما بدأكم تعودون } يقول : كما خلقناكم أول مرة كذلك تعودون .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله { كما بدأكم تعودون } قال : كما بدأكم ولم تكونوا شيئاً فأحياكم ، كذلك يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله { كما بدأكم تعودون } قال : خلقهم من التراب وإلى التراب يعودون . قال : وقيل في الحكمة : ما فخر من خلق من التراب وإلى التراب يعود ، وما تكبر من هو اليوم حي وغداً يموت ، وأن الله وعد المتكبرين أن يضعهم ويرفع المستضعفين . فقال { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } [ طه : 55 ] ثم قال { فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون } .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { كما بدأكم تعودون } قال : إن تموتوا يحسب المهتدي أنه على هدى ويحسب الغني أنه على هدى ، حتى يتبين له عند الموت وكذلك تبعثون يوم القيامة .

وذلك قوله { ويحسبون أنهم مهتدون } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير { كما بدأكم تعودون } قال : كما كتب عليكم تكونون { فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة } .

وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن أبي معروف قال : حدثني رجل ثقة في قوله { كما بدأكم تعودون } قال : قلفاً بظرا .

وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن وهب العبدي . أن تأويل هذه الآية { كما بدأكم تعودون } تكون في آخر هذه الأمة .

وأخرج البخاري في الضعفاء عن عبد الغفور بن عبد العزيز بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن جده « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تعالى يمسخ خلقاً كثيراً ، وإن الإِنسان يخلو بمعصيته فيقول الله تعالى استهانة بي ، فيمسخه ثم يبعثه يوم القيامة إنساناً يقول { كما بدأكم تعودون } ثم يدخله النار » .