غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (30)

26

{ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة } وانتصاب { فريقاً } الثاني بفعل مضمر يفسره ما بعده أي وخذل أو أضل فريقاً حق عليهم الضلالة كقولك زيداً مررت به . قال القاضي : المعنى فريقاً هدى إلى الجنة والثواب وفريقاً حق عليهم الضلالة أي العذاب والصرف عن طريق الثواب لأن هذا هو الذي يحق عليهم دون غيره إذ العبد لا يستحق أن يضل عن الدين إذ لو استحق ذلك لجاز أن يأمر أنبياءه بإضلالهم عن الدين كما أمرهم بإقامة الحدود المستحقة . وأجيب بأن قوله : { هدى } و{ حق } ماض وحمله على المستقبل خلاف الظاهر ، وبأن الهدى إلى الجنة أو الضلال عنها لا بد أن يكون محكوماً به في الأزل وخلاف حكمه محال . ثم بيّن ما لأجله حقت على هذه الفرقة الضلالة أعني السبب القريب وإلا فانتهاء الكل إلى مسبب الأسباب فقال : { إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله } فقبلوا دعوتهم دون دعوته ولم يتأملوا في التمييز بين الحق والباطل . ثم بين أن جهلهم مركب لا بسيط فقال : { ويحسبون أنهم مهتدون } وفيه أن مجرد الظن والحسبان لا يكفي في أصول الدين بل لا بد فيه من القطع واليقين .

/خ34