السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (30)

{ فريقاً هدى } أي : خلق الهداية في قلوبهم فحق لهم ثواب الهداية { وفريقاً حق } أي : ثبت ووجب { عليهم الضلالة } أي : بمقتضى القضاء السابق ، وقيل : إنّ الله تعالى بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً كما قال تعالى : { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } ( التغابن ، 2 ) ثم يعيدكم يوم القيامة ، كما خلقكم كافراً ومؤمناً وقيل : يبعثون على ما كانوا عليه .

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( يبعث كل عبد على ما مات عليه ) المؤمن على إيمانه والكافر على كفره . وقيل : من ابتدأ الله خلقه على الشقوة صار إليها وإن عمل عمل أهل السعادة كما أنّ إبليس كان يعمل بعمل أهل السعادة ثم صار إلى الشقاوة ، ومن ابتدأ الله خلقه على السعادة صار إليها وإن عمل عمل أهل الشقاوة كما أنّ السحرة كانوا يعملون عمل أهل الشقاوة فصاروا إلى السعادة .

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّ العبد ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة وإنما الأعمال بالخواتيم ) وانتصاب فريقاً بفعل يفسره ما بعده أي : وخذل فريقاً وقوله تعالى : { إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله } أي : دونه تعليل لخذلانهم وتحقيق لضلالهم { ويحسبون } أي : يظنون { أنهم } مع ضلالهم { مهتدون } أي : على هداية وحق وفيه دليل على أنّ الكافر الذي يظن أنه في دينه على الحق والجاحد والمعاند في الكفر سواء .