التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (30)

قوله تعالى : ( كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة )

قال البخاري : حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، أخبرنا المغيرة بن النعمان قال : سمعت سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أيها الناس ، إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ، . ثم قال : ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) إلى آخر الآية . ثم قال : ألا وإنه أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم . ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصيحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم . فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ) فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " .

( الصحيح 8/135ح4625-ك التفسير ، ب ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم . . . ) ، وأخرجه مسلم ( الصحيح 4/2194 –ك الجنة ، ب فناء الدنيا . . . ) .

قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يبعث كل عبد على ما مات عليه " .

( الصحيح 4/2206ح2878-ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، ب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : ( كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ) قال : إن الله سبحانه بدأ خلق ابن آدم مؤمنا وكافرا ، كما قال جل ثناؤه : ( هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن ) - سورة التغابن : 2 - ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم ، مؤمنا وكافرا .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله ( كما بدأكم تعودون ) يحييكم بعد موتكم .

قوله تعالى ( إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله يحسبون أنهم مهتدون ) . بين تعالى في هذه الآية الكريمة ، أن الكفار اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ، ومن تلك الموالاة طاعتهم لهم فيما يخالف ما شرعه الله تعالى ، ومع ذلك يظنون أنفسهم على هدى . وبين في موضع آخر : أن من كان كذلك فهو أخسر الناس عملا ، والعياذ بالله تعالى ، وهو قوله تعالى جل وعلا ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )