التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{فَلَوۡلَا كَانَتۡ قَرۡيَةٌ ءَامَنَتۡ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوۡمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفۡنَا عَنۡهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَتَّعۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٖ} (98)

{ فَلَوْلاَ ( 1 ) كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إلاّ ( 2 ) قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ومَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ 98 } [ 98 ] .

( 1 ) فلولا : هنا بمعنى هلا للحض وقيل للتنديد{[1168]} .

( 2 ) إلاّ : هنا بمعنى لكنّ {[1169]} .

في الآية تنديد بالقرى أو الأمم السابقة التي أهلكها الله لعدم إيمانها ، فلو آمنت لكان إيمانها نفعها ونجاها من عذاب الله . وتذكير بقوم يونس الذين آمنوا فكشف الله عنهم العذاب الذي كاد يحيق بهم ويخزيهم ، ومتعهم متاعا حسنا إلى أجلهم المعين في علم الله .

وقد جاءت الآية على ما هو المتبادر معقبة على ما سبقها تعقيب تنديد وحض معا وتضمنت إنذار للسامعين بما كان من أمر القرى السابقة ، وحثا لهم على أن يتلافوا أمرهم قبل فوات الوقت كما فعل قوم يونس فينجوا من عذاب الله وهلاكه .

وروح الآية تلهم أن شأن قوم يونس لم يكن مجهولا من السامعين وهو ما نبهنا عليه وشرحناه في تفسير سورة القلم ، وبذلك تستحكم العبرة في التمثيل والتذكير .

ولقد أورد المفسرون في سياق هذه الآية قصة يونس مسهبة مروية عن أهل الأخبار والتابعين . وما أوردوه متطابق في جملته مع ما ورد في سفر يونان من الأسفار المتداولة اليوم الذي ورد فيه قصة يونس مما فيه دلالة أخرى ، على أن هذه القصة كانت متداولة ومعروفة في زمن النبي صلى عليه وسلم بتفصيلها الوارد في السفر المذكور .

ولقد شرحنا شيئا من هذه القصة في سياق سورة القلم التي وردت في إشارة إلى يونس عليه السلام بعبارة صاحب الحوت ومما رأينا فيه الكفاية . ولم نر أن نجاري المفسرين فنسرد هذه القصة بإسهاب ؛ لأن القرآن إنما أورد منها ما فيه تحقيق الغاية من القصص القرآني وهو العبرة والتذكير .


[1168]:انظر تفسير الآية في تفسير الطبرسي والبغوي والزمخشري.
[1169]:انظر تفسير الآية في تفسير الطبرسي والبغوي والزمخشري.