جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَلَوۡلَا كَانَتۡ قَرۡيَةٌ ءَامَنَتۡ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوۡمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفۡنَا عَنۡهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَمَتَّعۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٖ} (98)

{ فَلَوْلاَ } أي : فهلا ، { كَانَتْ قَرْيَةٌ } من القرى التي أهلكناها ، { آمَنَتْ } قبل معاينة العذاب ، { فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا } لوقوعه في وقت الاختيار ، { إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ } لكن{[2231]} قومه ، { لَمَّا آمنوا } قبل معاينة العذاب في وقت الاختيار ، { كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ{[2232]} فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } أي : إلى آجالهم وقيل الجملة في معنى{[2233]} النفي أي : ما كانت قرية آمنت أهلها بتمامها فنفعها إلا قوم يونس آمنوا بتمامهم ونفعهم الإيمان وحاصله أنه ليست قرية آمنت أهلها بتمامها إلا وقت نزول العذاب فلا ينفعهم إيمانهم ؛ لأنه اضطراري وأما قوم يونس وهم أهل نينوى من أرض الموصل بعدما عاينوا أسباب العذاب جأروا إلى الله تعالى ولبسوا المسوح{[2234]} وفرقوا بين كل حيوان وولده وعجوا{[2235]} إلى الله تعالى فكشف الله تعالى عنهم الدخان والعذاب وقبل منهم الإيمان وهم مائة وألف أو يزيدون .


[2231]:إشارة إلى أن الاستثناء منقطع وهو ظاهر لا تكلف فيه.
[2232]:أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعا قال: إن يونس دعا قومه فلما أبوا أن يجيبوه وعدهم العذاب فقال: إنكم يأتيكم يوم كذا وكذا ثم خرج عنهم، وكانت الأنبياء إذا وعدت قوها العذاب خرجت، فلما أظلهم العذاب خرجوا ففرقوا بين المرأة وولدها والسخلة وولدها وخرجوا يعجون إلى الله وعلم الله منهم الصدق فتاب عليهم وصرف عنهم كالعذاب وقعد يونس في الطريق يسأل عن الخبر فمر به رجل فقال: ما فعل قوم يونس فحدثه بما صنعوا فقال: لا أرجع إلى قوم قد كذبتهم وانطلق مغاضبا يعني مراغما / فتح، [وانظر الدر المنثور للسيوطي (3/573)].
[2233]:على الاستثناء متصل ولا بد من تأويله بالنفي حينئذ وإلا لفسد المعنى لما يلزم أن لا يكون الإيمان من المستثنى مطلوبا / منه.
[2234]:واحده المسح بالكسر وهو لباس الرهبان.
[2235]:العج رفع الصوت أي: صاحوا / 12.