{ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ( 110 ) } [ 110 ] .
لقد تعددت التأويلات المروية للشطر الأول من الآية كما تعددت الروايات في قراءة ( كذبوا ) حيث قرئت بضم الكاف وتشديد الذال كما قرئت بفتح الكاف والذال وتخفيف الذال تبعا للتأويلات المروية . ومن هذه التأويلات ما روي عن ابن عباس وهو أن معنى الآية : ( حتى إذا يئس الرسل من أن يستجيب قومهم لهم وظن قومهم أن رسلهم قد كذبوا عليهم بما أوعدوهم به من عذاب ) ومنها تأويل آخر عن ابن عباس أيضا : ( حتى إذا يئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ( بفتح الكاف ) بما وعدوا به الكافرين والمؤمنين من عذاب للأولين ونجاة للآخرين بسبب إبطاء الله تعالى في تحقيق ذلك ) .
وعلل ابن عباس حسب الرواية موقف الرسل هذا بأنه مظهر من مظاهر الضعف البشري . ومن التأويلات تأويل مروي عن عائشة : ( حتى إذا يئس الرسل وظن من آمن بهم قومهم أنهم كذبوا عليهم بسبب تأخر ما وعدوا به ) . وعللت عائشة حسب الرواية تأويلها بتنزيه الرسل عن الظن بأن الله أخلف بما وعدهم . ومن التأويلات تأويل عن الحسن : ( أن الرسل لما يئسوا من قومهم واستيقنوا من تكذيبهم لهم أنهم لا يرجى منهم إيمان وخير أرسل الله عليهم عذابه فنجى المؤمنون وأهلك المجرمون ) . ونحن نرى هذا التأويل أوجه التأويلات ، وقد فسر الحسن كلمة ( ظنوا ) بمعنى ( استيقنوا ) وهو صواب يزول به على ما يتبادر لنا الإشكال الذي يبدو أن المؤولين رأوه في الآية . وعلماء اللغة يقررون أن فعل ( ظن ) يأتي بمعنى ( أيقن ) ، وقد جاء في هذا المعنى في سورة الكهف { ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ( 53 ) } .
وهكذا تكون الآية قد احتوت تقرير سنة الله تعالى من أنبيائه وأقوامهم ، فقد كان معظم الأنبياء يدعون أقوامهم وظل معظم أقوامهم يقابلون الدعوة بالعناد والمناوأة فكان كل ما انقطع أمل الرسل من ارعواء أقوامهم واستيقنوا أنهم لن يلقوا من قومهم إلا التكذيب جاءهم نصر الله فكان فيه تدمير المجرمين المكذبين ونجاة الرسل والمؤمنين . وهذه الصورة هي غالبية صور الأنبياء وأقوامهم كما حكاها القرآن مكررا في سور عديدة .
وتكون الآية بذلك متصلة هي الأخرى بالسياق السابق ، ومعقبة عليه وفيها تطمين وتثبيت وبشرى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين وإنذار للكافرين المكذبين المجرمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.