{ حتى إِذَا استيئس الرسل } هذه الغاية المحذوف دلّ عليه الكلام ، وتقديره : { وما أرسلنا من قبلك } يا محمد إلاّ رجالاً ، ولم نعاجل أممهم الذين لم يؤمنوا بما جاءوا بالعقوبة { حتى إِذَا استيأس } من النصر بعقوبة قومهم ، أو { حتى إذ استيأس الرسل } من إيمان قومهم لانهماكهم في الكفر { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا } . قرأ ابن عباس ، وابن مسعود ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو جعفر بن القعقاع ، والحسن ، وقتادة ، وأبو رجاء العطاردي ، وعاصم وحمزة والكسائي ، ويحيى بن وثاب ، والأعمش وخلف { كذبوا } بالتخفيف أي : ظنّ القوم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروا به من العذاب ولم يصدقوا . وقيل : المعنى ظنّ القوم أن الرسل قد كذبوا فيما ادعوا من نصرهم ، وقيل : المعنى وظنّ الرسل أنها قد كذبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنهم ينصرون عليهم ، أو كذبهم رجاؤهم للنصر ، وقرأ الباقون «كذبوا » بالتشديد ، والمعنى عليها واضح أي : ظنّ الرسل بأن قومهم قد كذبوهم فيما وعدوهم به من العذاب ، ويجوز في هذا أن يكون فاعل ظنّ القوم المرسل إليهم على معنى أنهم ظنوا أن الرسل قد كذبوا فيما جاءوا به من الوعد والوعيد . وقرأ مجاهد وحميد { قد كذبوا } بفتح الكاف والذال مخففتين على معنى : وظنّ قوم الرسل أن الرسل قد كذبوا ؛ وقد قيل : إن الظنّ في هذه الآية بمعنى اليقين ؛ لأن الرسل قد تيقنوا أن قومهم كذبوهم ، وليس ذلك مجرد ظنّ منهم . والذي ينبغي أن يفسر الظنّ باليقين في مثل هذه الصورة ويفسر بمعناه الأصلي فيما يحصل فيه مجرد ظنّ فقط من الصور السابقة . { جَاءهُمْ نَصْرُنَا } أي : فجاء الرسل نصر الله سبحانه فجأة ، أو جاء قوم الرسل الذين كذبوهم نصر الله لرسله بإيقاع العذاب على المكذبين { فننجي مَّن نَّشَاء } . قرأ عاصم : { فنجي } بنون واحدة . وقرأ الباقون «فننجي » بنونين . واختار أبو عبيدة القراءة الأولى ؛ لأنها في مصحف عثمان كذلك . وقرأ ابن محيصن «فنجا » على البناء للفاعل ، فتكون من على القراءة الأولى في محل رفع على أنها نائب الفاعل ، وتكون على القراءة الثانية في محل نصب على أنها مفعول ، وعلى القراءة الثالثة في محل رفع على أنها فاعل ، والذين نجاهم الله هم الرسل ومن آمن معهم ، وهلك المكذبون { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القوم المجرمين } عند نزوله بهم ، وفيه بيان من يشاء الله نجاته من العذاب وهم من عدا هؤلاء المجرمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.