النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسۡتَيۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُۖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (110)

قوله عز وجل : { حتى إذا استيأس الرسل } فيه وجهان :

أحدهما : من قولهم أن يصدقوهم ، قاله ابن عباس .

الثاني : أن يعذب قومهم ، قاله مجاهد .

ويحتمل ثالثاً : استيأسوا من النصر .

{ وظنوا أنهم قد كذبوا } في { كذبوا } قراءتان :

أحدهما : بضم الكاف وكسر الذال وتشديدها ، قرأ بها الحرميّان وأبو عمرو وابن عامر ، وفي تأويلها وجهان :

أحدهما : يعني أن قومهم ظنوا أن الرسل قد كذّبوهم ، حكاه ابن عيسى .

والقراءة الثانية { كُذِبوا } بضم الكاف وتخفيف الذال ، قرأ بها الكوفيون ، وفي تأويلها وجهان :

أحدهما : فظن اتباع الرسل أنهم قد كذبوا فيما ذكروه لهم .

الثاني : فظن الرسل أن اتباعهم قد كذبوا فيما أظهروه من الإيمان بهم .

{ جاءهم نصرنا } فيه وجهان :

أحدهما : جاء الرسل نصر الله تعالى ، قاله مجاهد .

الثاني : جاء قومهم عذاب الله تعالى ، وهو قول ابن عباس .

{ فنجي{[1588]} من نشاءُ } قيل الأنبياء ومَن آمن معهم .

{ ولا يُرَدُّ بأسُنا عن القومِ المجرمين } يعني عذابنا إذا نزل بهم .


[1588]:قراءة نافع وباقي السبعة فننجي بنونين ما عدا عاصما. وفي قراءة حفص المتداولة في مصاحفنا اليوم فنجي بالبناء للمجهول.