في السورة إنذار بالقيامة وهولها . وتدليل على قدرة الله على بعث الناس ومحاسبتهم . وتنديد بفئات من الكفار وذوي القلوب المريضة وتنويه بالمؤمنين . وإنذار رهيب للأولين وبشرى للآخرين . وتوبيخ للكفار على صدّهم عن المسجد الحرام . وبيان عن صلة إبراهيم بالكعبة والحج . واستطراد إلى مناسك الحج وبخاصة ما يتعلق بالقرابين وإقرارها بعد تنقيتها من شوائب الشرك . وبشرى للمهاجرين بنصر الله وعنايته في حالتي الموت والحياة . وتقرير باعتبار المسلمين مظلومين بما كان من قتال المشركين لهم وأذاهم . وتقرير حق الدفاع لهم وتقرير ما يمكن أن يكون من سعادة المجتمع إذا تمكنوا في الأرض حيث يقيمونه على أساس قويم من صلاة وزكاة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر . وتطمين وتثبيت للنبي إزاء عناد الكفار وتذكير بآثار عظمة الله في كونه . وبعذاب الله للأمم السابقة لكفرها وتكذيبها لرسلها ، ومشاهد ومواقف جدلية . وختام قوي موجّه للمسلمين ، منوّه بالمكانة العظمى التي خصّوا بها ، احتوى فيما احتواه تقرير نسبة العرب بالأبوة إلى إبراهيم عليه السلام وما جعل الله لهم من مزيّة ليكونوا شهداء على الناس .
والمصحف الذي اعتمدناه يروي أن هذه السورة مدنية ، في حين أن المفسرين البغوي والنيسابوري والزمخشري والطبرسي والخازن والبيضاوي والنسفي يروون أنها مكية ، وبعضهم يذكر أن بعض آيات منها مدنية .
والآيات المرويّة مدنيتها هي [ 19-22 ] في رواية و[ 19-24 ] في رواية أخرى ، ثم الآيات [ 38-41 و52-55 و58-60 ]
والمتمعن في الآيات [ 19-24 ] ومضمونها ، يجد أن أسلوبها ومضمونها مكّيان أكثر من كونهما مدنيين . وكذلك الآيات [ 52-55 ] . أما الآيات [ 38-41 و58-60 ] فقد يؤيّد أسلوبها ومضمونها مدنيتها ، مع احتمال أن تكون – وبخاصة الآيات [ 38-41 ] – مكية أيضا ؛ لأن أسلوبها ومضمونها يسوغان تخمين ذلك .
وهناك آيات لم يذكرها الرواة في عداد الآيات المدنية على ما اطّلعنا عليه ، مع أن مضمونها قد يسوغ بل قد يرجّح مدنيتها وهي الآيات [ 25-27 ] ثم الآيتان الأخيرتان من السورة اللتان يحتمل أن تكون مدنيتين أيضا على ما سوف نشرحه بعد .
وعلى كل حال ، فإن أسلوب معظم آيات السورة ومضمونها يسوغان ترجيح صحّة رواية مكّيتها ، مع احتمال أن تكون بعض آياتها مدنية .
وفي هذه السورة موضعان يسجد عندهما سجود تلاوة ، وهما الآيتان [ 18 و77 ] وقد ورد في صدد ذلك حديث رواه أبو داود والترمذي والحاكم عن عقبة بن عامر قال : «قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله في سورة الحجّ سجدتان قال : نعم ، ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما » {[1]} . وروى هذا الحديث الإمام أحمد بفرق مهم وهو أن عقبة قال : «يا رسول الله ، أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين ؟ قال : نعم » {[2]} . وهناك حديث رواه أبو داود عن خالد بن معدان «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين » {[3]} . وحديث رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي عن أبي الجهم قال : «سجد عمر سجدتين في الحجّ – أي في سورة الحجّ- وهو بالجابية ، وقال : إنّ هذه فضَلَت بسجدتين » {[4]} .
والحديث الأول وارد في كتاب من كتب الأحاديث الصحيحة ، والأحاديث الأخرى محتملة الصحّة . وسجدات التلاوة منحصرة في السور المكيّة . فبالإضافة إلى ما في الأحاديث من تنويه بفضل هذه السورة ، فإن فيها ، والحالة هذه ، دلالة على مكيتها ، والله أعلم .
[ 1 ] الزلزلة : معناها اللغوي شدّة التحريك وإزالتها للأشياء عن أماكنها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.