التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ} (47)

6 الموازين القسط : الموازين المضبوطة العادلة .

/خ42

ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية [ 47 ] حديثا رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا أظلمتك كتبتي الحافظون قال : لا يا رب . قال : أفلك عذر أو حسنة ؟ قال : فبهت الرجل فيقول : لا يا رب ، فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة واحدة لا ظلم عليك اليوم ، فيخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فيقول : أحضروه ، فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقول : إنك لا تظلم ، قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة ، قال : فطاشت السجلات وثقلت البطاقة . قال : ولا يثقل شيء مع بسم الله الرحمن الرحيم ) . وحديثا ثانيا رواه الإمام أحمد أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص وهو على الأرجح مختصر عن هذا الحديث قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضع الموازين يوم القيامة فيؤتى بالرجل فيوضع في كفة ويوضع ما أحصي عليه فتمايل به الميزان . قال : فيبعث الله به إلى النار . قال : فإذا أدبر به إذا صائح من الرحمن عز وجل يقول : لا تعجلوا فإنه قد بقي له ، فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله فتوضع مع الرجل في كفة حتى يميل الميزان ) . وحديثا ثالثا رواه الإمام أيضا عن عائشة جاء فيه : ( إن رجلا من أصحاب رسول الله جلس بين يديه فقال : يا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأشتمهم فكيف أنا منهم ؟ فقال له رسول الله : يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم ، فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك ، و إن كان عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك ، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل الذي بقي عليك ، فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله ويهتف ، فقال رسول الله : ما له لا يقرأ كتاب الله . . . { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين 47 } ، فقال الرجل : يا رسول الله : ما أجد شيئا خيرا من فراق هؤلاء يعني عبيده ، إني أشهدك أنهم أحرار كلهم ) . والحديث الأول من مرويات الترمذي بصيغة قريبة {[1361]} . بحيث يمكن القول : إن صحة الأحاديث الثلاثة محتملة .

والأحاديث مدنية والآية مكية . وفضلا عن ذلك فإن الآية تتمة للإنذار والتنديد الموجهين للكفار في الآيات السابقة لها ، ومع ذلك فللأحاديث صلة بموضوع الآية بوجه عام .

والإيمان واجب بما يصح عن رسول الله من أخبار المشاهد الأخروية ، ومن الحكمة الملموحة في الأحاديث بيان ما لشهادة التوحيد من نفع للإنسان في آخرته ، وحث على الإقرار لله بالوحدانية والعمل الصالح وتحذر من أي عمل فيه إساءة أو أذى مهما كان تافها .


[1361]:انظر التاج ج 5 ص 342-343.