فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسٞ شَيۡـٔٗاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ} (47)

{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ { 47 ) }

{ نضع } نحضر . { القسط } العدل .

{ أتينا بها } أحضرناها ؛ أو : أعطيناها وجازينا بها عند من قرأ { آتينا } بالمدة .

من كان يرجو لقاء الله فإنه آت لا ريب فيه { والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون . ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ){[2151]} ؛ إذا جمع الله تعالى الناس ليوم الحساب أحضر الميزان الذي توزن به أعمال العباد { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ){[2152]} ويمكن أن يكون ميزانا واحدا عبر عنه بلفظ الجمع {[2153]} [ وقد يعبر عن الواحد بلفظ الجمع للتعظيم ، كقوله تعالى : { . . رب ارجعون . لعلي أعمل صالحا . . ){[2154]} . . { ليوم القيامة } بمعنى في . . أي : نضع الموازين في يوم القيامة التي كانوا يستعجلونها : وقال غير واحد : هي للتعليل أي : لأجل حساب يوم القيامة ، أو : لأجل أهله . . { فلا تظلم نفس } من النفوس { شيئا } من الظلم فلا ينقص ثوابها الموعود ، ولا يزاد عذابها المعهود . . وقال القرطبي : الميزان حق ، ولا يكون في حق كل أحد ، بدليل الحديث الصحيح ، فيقال : يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن . . الحديث ؛ وأحرى الأنبياء عليهم السلام ؛ وقوله تعالى : { يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام ){[2155]} ، وقوله تعالى : { . . فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ){[2156]} ، وقوله سبحانه : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ){[2157]} . . . حبة الخردل مثل في الصغر . . { وكفى بنا حاسبين } قيل : أي عادين ومحصين أعمالهم . . ولا يخفى أن في الآية إشارة ما إلى أن الحساب المذكور فيها بعد وضع الموازين . . ]{[2158]} .


[2151]:سورة الأعراف الآيتان: 8، 9.
[2152]:سورة الزلزلة. الآيتان:7، 8.
[2153]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن
[2154]:سورة المؤمنون. من الآية 99، ومن الآية 100.
[2155]:سورة الرحمن. الآية 41.
[2156]:سورة الكهف. من الآية 105
[2157]:سورة الفرقان. الآية 23.
[2158]:ما بين العلامتين من روح المعاني.