جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِيٓ أَرَيۡنَٰكَ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا طُغۡيَٰنٗا كَبِيرٗا} (60)

{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ } أي : وذكر إذ أوحينا إليك ، { إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ } هم في قبضته وتحت مشيئته فهو حافظك منهم فامض لما أمرك ولا تهبهم ، { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ } هي{[2875]} قصة المعراج والرؤيا من الرؤية عن ابن عباس وغيره هي رؤيا عين ، { إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } فقد أنكر بعضهم ذلك وكفروا وزاد إيمان بعضهم فما هي إلا اختبار وفتنة وعن بعضهم أن المراد بهذه الرؤيا رؤيا عام الحديبية رأى عليه السلام أنه دخل هو وأصحابه مكة فتوجه إليها قبل الأجل فصده المشركون ورجع إلى المدينة وكان ذلك فتنة وشكا في قلوب بعض حتى دخلها في العام القابل كما قال تعالى : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق " الآية ( الفتح : 27 ) ، { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ } أي : وما جعلنا الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة وهي شجرة الزقوم يقال طعام ملعون أي : مكروه ضار وملعون أكلها وصفت به مجازا للمبالغة أو لأن منبتها أصل الجحيم وهي أبعد مكان من رحمة الله ، وفتنتها أنهم قالوا : محمد يوعدكم بنار تحرق الحجارة ثم يزعم أن فيها شجرة وقالوا : لا نعرف الزقوم إلا الزبد والتمر فجاء أبو جهل بهما وقال يا قوم : زقموا فهذا ما يخوفكم به محمد ، { وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ } التخويف ، { إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا{[2876]} } تمردا وعتوا عظيما .


[2875]:فإنها كانت في المنام أولا ثم في اليقظة بالجسم والعين فالمعنى الرؤيا التي أريناك في اليقظة تعبيرا كذا قاله ابن عباس وغيره كما رواه البخاري / 12 وجيز. [أخرجه البخاري (4716)].
[2876]:ولما قال إن بعض الأشياء والاختبار ومنه التخويف ولا يزيدهم إلا طغيانا أراد أن يذكر رأس الفتنة ورئيس أهل الطغيان فقال: (وإذ قلنا) / 12 وجيز.