بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِيٓ أَرَيۡنَٰكَ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا طُغۡيَٰنٗا كَبِيرٗا} (60)

قوله : { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس } ؛ قال الكلبي : أحاط علمه بالناس ، ويقال : هم في قبضته ، أي قادر عليهم ؛ وقال قتادة : يعني : يمنعك من الناس حتى تبلغ رسالات الله تعالى ؛ وقال السدي : معناه إن ربك مطهرك على الناس .

ثم قال : { وَمَا جَعَلْنَا الرءيا التى أريناك إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ } ؛ قال : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد الدبيلي قال : حدّثنا أبو عبد الله قال : حدّثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : { وَمَا جَعَلْنَا الرءيا التى أريناك إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ } قال : هي رؤيا عين أريها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به .

{ والشجرة الملعونة فِى القرءان } ؛ قال : هي شجرة الزقوم . قال الكلبي : هي ليلة أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس ، فنشر له الأنبياء كلهم ، فصلى بهم ثم صلى الغداة بمكة فكذبوه ، وهو قوله : { فِتْنَةً لّلنَّاسِ } حين كذبوه يعني أهل مكة . قال عكرمة أمَا إنَّهَا رؤيا يقظة ليست برؤيا منام ؛ وقال سعيد بن المسيب : أُرِي النبي صلى الله عليه وسلم بني أمية على المنابر ، فساءه ذلك ، فقيل له : إنّما هي دنيا يعطونها . فقرَّت عينه ، فنزل : { وَمَا جَعَلْنَا الرءيا التى أريناك إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ } يعني : بني أمية . ثم قال : { والشجرة الملعونة فِى القرءان } ، يعني : ذكر الشجرة الملعونة في القرآن فتنة لهم ، يعني : بلية لهم ؛ وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا هذا أنَّ في النار شجرة ، وكيف يكون في النار شجرة ؟ والنّار تأكل الشجرة . فصار ذلك فتنة لهم ، يعني : بلية لهم ؛ ويقال : لما نزل : { إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم * طَعَامُ الاثيم } قالوا فيما بينهم : وما شجرة الزقوم ؟ قالوا : التّمر والزبد . فرجع أبو جهل إلى منزله ، فقال لجاريته : زقمينا . وأمرها أن تأتي بالتمر والزبد ، فخرج به إلى الناس وقال : كلوا فإِن محمداً يخوفكم بهذا . فصار ذكر الشجرة فتنة لهم . ثم قال : { وَنُخَوّفُهُمْ } أي بذكر شجرة الزقوم . { فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا } ، يعني : تمادياً في المعصية .