التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِيٓ أَرَيۡنَٰكَ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا طُغۡيَٰنٗا كَبِيرٗا} (60)

قوله تعالى { وإذا قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا }

قال الشيخ الشنقيطي : بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه أحاط بالناس أي فهم في قبضته يفعل فيهم كيف يشاء فيسلط نبيه عليهم ويحفظه منهم ، قال بعض أهل العلم : ومن الآيات التي فصلت بعض التفصيل في هذه الإحاطة ، وقوله تعالى { سيهزم الجمع ويولون الدبر } وقوله { قل للذين كفروا ستغلبون } الآية ، وقوله { والله يعصمك من الناس } ، وفي هذا أن هذه الآية مكية وبعض الآيات المذكورة مدني ، أما آية القمر وهي قوله : { سيهزم الجمع } الآية ، فلا إشكال في البيان بها لأنها مكية .

قال الطبري : حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي رجاء قال : سمعت الحسن يقول : أحاط بالناس ، عصمك من الناس أ . ه .

ورجال ثقات وإسناده صحيح ، وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد وأبو رجاء محمد ين سيف الأزدي .

وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله : { وإذا قلنا لك إن ربك أحاط بالناس } قال : منعك من الناس .

وأخرج آدم بن أبي إياس والطبري بالسند الصحيح عن مجاهد { أحاط بالناس } قال : فهم في قبضته .

أخرج البخاري بسنده عن أبي ابن عباس رضي الله عنهما { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } فقال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، والشجرة الملعونة في القرآن قال : شجرة الزقوم .

( الصحيح-التفسير ، ب { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } رقم4716 ) .

وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى والشجرة الملعونة في القرآن ، قال : الزقوم ، قال : وذلك أن المشركين قالوا : يخبرنا محمد أن في النار شجرة ، والنار تأكل الشجر ولا تدع منه شيئا ، فذلك فتنة لهم أ . ه .

قال ابن حجر بعد أن ذكر قول قتادة : وقال السهيلي الزقوم فعول من الزقم وهم اللقم الشديد وفي لغة تميمية : كل طعام يتقيأ منه يقال له زقوم ، وقيل : هو كل طعام ثقيل . ( فتح الباري8/399 ) .

قال الشيخ الشنقيطي : التحقيق في معنى هذه الآية الكريمة : أن جل وعلا جعل ما أراه نبيه صلى الله عليه وسلم من الغرائب والعجائب ليلة الإسراء والمعراج فتنة للناس لأن عقول بعضهم ضاقت على قبول بعض ذلك معتقدة أنه لا يمكن أن يكون حقا قالوا : كيف يصلي ببيت المقدس ويخترق السبع الطباق ويرى ما رأى في ليلة واحدة ويصبح في محله هذا محال فكان هذا الأمر فتنة لهم لعدم تصديقهم به واعتقادهم أنه لا يمكن وأنه جل وعلا جعل الشجرة الملعونة في القرآن التي هي شجرة الزقوم فتنة للناس لأنهم لما سمعوه صلى الله عليه وسلم يقرأ { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم } قالوا : ظهر كذبه لأن الشجر لا ينبت في الأرض اليابسة فكيف ينبت في أصل النار فصار ذلك فتنة وبين أن هذا هو المراد من كون الشجرة المذكورة فتنة لهم في قوله { أذلك خيرا نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم } الآية . . . أشار في موضع آخر إلى الرؤيا التي جعلها فتنة لهم وهو قوله : { أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى } .

وانظر سورة آل عمران آية ( 102 )حديث الترمذي عن ابن عباس وفيه : " لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم . . . " .