جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (157)

{ الذين يتّبعون } أي : هم الذين أو بدل من الذين يتقون ، والمراد اليهود الذين في آخر الزمان وآمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام أو عامة أمته الصالحين { الرسول النبي الأمّي } الذي لا يكتب ولا يقرأ { الذي يجدونه مكتوبا عندهم } اسمه وصفته { في التوراة والإنجيل{[1734]} يأمرهم } النبي { بالمعروف } والخير { وينهاهم عن المنكر } والشر { ويحل لهم الطّيبات } مما حرموا على أنفسهم من البحيرة والسائبة والوصيلة ومما حرم عليهم في التوراة من لحوم الإبل والشحوم { ويحرّم عليهم الخبائث } كالدم ولحم الخنزير والميتة والربا { ويضع } يخفف ويسقط { عنهم إصرهم } أي : ثقلهم العهد الثقيل الذي أخذ عليهم بالعمل والتوراة { والأغلال التي كانت عليهم } التكاليف الشاقة التي كانت في دينهم { فالذين آمنوا به } بهذا الرسول { وعزّروه } عظموه { ونصروه } على عدوه { واتبعوا النور } أي : القرآن { الذي أُنزل معه{[1735]} } أي : مع نبوته وقيل : متعلق باتبعوا القرآن مع اتباع النبي أي : اتبعوا الكتاب والسنة { أولئك هم المفلحون } الفائزون{[1736]} في الدارين .


[1734]:أخرج ابن سعد والبخاري وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن عطاء بن يسار فقال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وروى نحو هذا مع اختلاف في الألفاظ وزيادة ونقص في بعض عن جماعة وذكر الخميسي في تاريخه أن لفظ محمد مذكور في التوراة باللغة السريانية بلفظ (لمنحمنا) ومعنى هذا اللفظ في تلك اللغة هو معنى لفظ محمد وهو الذي يحمده الناس كثيرا وذكر أن لفظ أحمد مذكور في الإنجيل بهذا اللفظ العربي الذي هو أحمد/12 فتح. [الحديث أخرجه البخاري (4838)].
[1735]:إشارة إلى أن الظرف إن تعلق بأنزل فلابد من تقدير مضاف كنبوته أو إرساله وإن تعلق باتبعوا على معنى اتبعوا القرآن والنبي لم يحتج إلى تقدير/12 منه.
[1736]:الفائزون في الدارين لا غيرهم ولما ذكر صفة النبي الأمي وأخبر أن من أدركه فآمن به أفلح أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- باشتهار دعوته إلى الناس كافة فقال: (قل يا أيها الناس)/12 وجيز.