معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (37)

وقوله : { إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ 37 } ،

يقول : بسببه وألوانه . وقوله : { وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } ، العرب لا تجمع اسْمين قد كُنِى عنهما ليسَ بينهما شيء إلاَّ أن ينووُا التكرير وإفهام المكلَّم ؛ فإذا أرادوا ذلك ، قالوا : أنت أنت فعلت ، وهو هو أخذها . ولا يجوز أن نجعل الآخرة توكيداً للأولى ، لأن لفظهما واحد . ولكنهم إذا وصلوا الأوّل بناصب أو خافض أو رافع أَدخلوا له اسمه ، فكان توكيداً . أَما المنصوب ، فقولك : ضربتك أنت ، والمخفوض : مررت بك أَنت ، والمرفوع : قمتَ أَنت . وإنما فعلوا ذلك لأن الأوّل قلّ واختلف لفظه ، فأدخلوا اسمه المبتدأ . فإذا قالوا : أَنت فينا أنت رَاغب ، ففرقوا بينهما بصفة قالوا ذلك ، وكأنه في مذهبه بمنزلة قوله : { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ } ، كأنّ الأوّل مُلْغىً والاتّكاء والْخَبَر عن الثاني . وكذلك قوله : { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذَا مِتُّمْ } ، ثم قال : { أَنَّكُمْ مخْرَجُون } ، وهما جميعاً في معنى واحد ، إلا أن ذلك جاز حينَ فُرق بينهما بإذا . ومثله : { وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } .