الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (37)

و " تُرْزَقانه " صفة ل " طعام " . وقوله : إلا نَبَّأْتُكما " استثناءُ مفرَّغ . وفي موضع الجملة بعده وجهان أحدُهما : أنها في محل نصبٍ على الحال ، وساغ ذلك من النكرة لتخصُّصها بالوصف . / والثاني : أن تكونَ في محل رفع نعتاً ثانياً ل " طعام " ، والتقدير : لا يأتيكما طعامٌ مرزوقٌ إلا حال كونه منبِّئاً بتأويلهِ أو مُنَبَّأً بتأويله . و " قبل " الظاهرُ أنها ظرفٌ ل " نَبَّأْتكما " ، ويجوز أن يتعلق ب " تأويله " ، أي : نَبَّأْتكما بتأويله الواقع قبل إتيانِه .

قوله : { إِنِّي تَرَكْتُ } يجوز أن تكونَ هذه مستأنفةً أخبر بذلك عن نفسه . ويجوز أن تكونَ تعليلاً لقوله { ذلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي } ، أي : تَرْكي عبادةَ غيرِ اللَّه سببٌ لتعليمه إياي ذلك ، وعلى الوجهين لا محلَّ لها من الإِعراب . و " لا يؤمنون " صفة ل " قوم " . وكرَّر " هم " في قوله { وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } قال الزمخشري : " للدلالةِ على أنهم خصوصاً كافرون بالآخرة ، وأن غيرَهم مؤمنون بها " . قال الشيخ : " وليست " هم " عندنا تدل على الخصوص " . قلت : لم يَقُل الزمخشري إن " هم تدل على الخصوص . وإنما قال " تكرير " هم " للدلالة ، فالتكرير هو الذي أفاد الخصوصَ ، وهو معنىً حَسَنٌ فهمه أهلُ البيان .