وقوله عزَّ وجلَّ : { قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا } [ يوسف : 37 ] .
رُويَ عن السُّدِّيِّ وابن إِسحاق : أن يوسُفَ عليه السلام لما عَلِمَ شدَّة تعبيرِ مَنَامَةِ الرائي الخُبْزَ ، وأنها تُؤْذِنَ بقتله ، ذهب إِلى غير ذلك من الحديثِ عَسَى أَلاَّ يطالباه بالتعْبير ، فقال لهما ؛ مُعْلِماً بعظيمِ عِلْمِهِ للتعبيرِ : إِنه لا يجيئُكما طعَامٌ في نومكما تَرَيَانِ أَنكما رُزِقْتُمَاهُ إِلاَّ أعلمتكما بتأويلِ ذلك الطَّعَامِ ، أي : بما يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمره في اليقظة قَبْلَ أن يظهر ذلك التأويلُ الذي أُعْلِمُكُما به ، فرُوِيَ أنهما قالا : ومِنْ أينَ لَكَ ما تَدَّعيه مِنَ العِلْمِ ، وأنْتَ لَسْتَ بِكَاهِنٍ ولا منجِّم ؟ ! فقالَ لهما : { ذَلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي } ، ثم نهض يُنْحِي لهما على الكُفْر ويقبِّحه ، ويحسِّن الإِيمان باللَّه ، فرُوِيَ أنه قصد بذلك وجْهَيْنِ ؛ أَحدهما : تنسيَتُهما أمْرَ تعبيرِ ما سألا عنْه ؛ إِذ في ذلك النِّذَارةُ بقَتْل أحدهما ، والآخر : الطماعيَةُ في إِيمانهما ؛ ليأخذ المَقْتُولُ بحظِّه من الإِيمان ، وتسلم له آخرته ، وقال ابنُ جُرَيْج : أراد يوسُفُ عليه السلام لا يأتيكما طعامٌ في اليقظة .
قال ( ع ) : فعلى هذا إِنما أعلمهم بأنه يعلم مغيَّباتٍ لا تعلُّق لها برؤْيَا ، وقصد بذلك أحَدَ الوجهَيْنِ المتقدِّمين ، وهذا على ما روي أنه نبىء في السجن فإِخباره كإِخبار عيسَى عليه السلام .
وقوله : { تَرَكْتُ } ، مع أنه لم يتشبَّثْ بها جائزٌ صحيحٌ ؛ وذلك أنه أخبر عن تجنّبه من أول بالترك ، وساق لفظ التَّرْك استجلابا لهما عسَى أن يتركا الترْكَ الحقيقيَّ الذي هو بَعْد الأخْذ في الشيء ، والقَوْمُ المتروكُ ملتهم : المَلِكَ وأتباعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.