السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (37)

{ قال } معرضاً عن سؤالهما أخذاً في غيره من إظهار المعجزة في الدعاء إلى التوحيد { لا يأتيكما طعام ترزقانه } ، أي : في منامكما { إلا نبأتكما بتأويله } ، أي : في اليقظة { قبل أن يأتيكما } تأويله ، وقيل : أراد به في اليقظة ، يقول : لا يأتيكما طعام ترزقانه من منازلكما تطعمانه إلا نبأتكما بتأويله بقدره ولونه والوقت الذي يصل إليكما قبل أن يصل وأي طعام أكلتم ، ومتى أكلتم وهذه كمعجزة عيسى عليه السلام حيث قال : { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } [ آل عمران ، 49 ] فقالا : هذا فعل العرافين والكهنة . فمن أين لك هذا العلم ؟ فقال : ما أنا بكاهن { ذلكما } ، أي : هذا التأويل والإخبار بالمغيبات { مما علمني ربي } وفي ذلك حث على إيمانهم ثم قواه بقوله { إني تركت ملة } ، أي : دين { قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون } وكرر لفظة هم للتأكيد لشدّة إنكارهم للمعاد .