معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَيَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۚ وَكُلٌّ أَتَوۡهُ دَٰخِرِينَ} (87)

وقوله : { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ87 } ولم يقل فيفزعُ ، فجعل فَعَل مردودة على يَفْعَل . وذلك أنه في المعْنى : وإذا نفخ في الصُّور ففزع ؛ ألا ترى أن قولكَ . أقوم يوم تقوم كقولك : أقوم إذا تقوم ، فأجِيبتْ بفَعَل ، لأن فعل ويفعل تصلحان مع إذا . فإن قلتَ فأن جَوَاب قوله { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ } ؟ قلت : قد يكون في فَعَل مضمر مع الواو كأنه قال : وذلك يوم ينفخ في الصور . وإن شئتَ قلت : جوابه متروك كما قال { وَلَوْ تَرَى إذ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ } .

وقولُه : { وَلَوْ يَرَى الذِينَ ظَلَموا 87 } قد تُرك جَوابُه . والله أعلم .

وقوله { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } القُرّاء على تطويل الألف يريدونَ : فاعلوه . وقصرها حمزة حدَّثنا أبو العبَّاس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء حدثني عدة منهم المفضل الضبي وقيسٌ وأبو بكر وكلهم عن جَحْش بن زياد الضبيّ عن تميم بن حَذْلَمٍ قال : قرأت على عبد الله بن مسعود ( وَكُلٌّ آتَوْهُ دَاخِرِينَ ) بتطويل الألِف . فقال { وَكُلٌّ أَتَوْهُ } بغير تطويل الألف وهو وجه حسن مردود على قوله { فَفَزِع } كما تقول في الكلام : رآني ففزّ وعَاد وهو صَاغر . فكان رَدُّ فَعَل على مثلها أعجبَ إلىّ مع قراءة عبد الله . حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال وحدثني عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن تميم عن عبد الله بمثل حديث أبي بكرٍ وَأصحابه .