لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَيَوۡمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۚ وَكُلٌّ أَتَوۡهُ دَٰخِرِينَ} (87)

قوله تعالى { ويوم ينفخ في الصور } هو قرن ينفخ فيه إسرافيل قال الحسن : الصور هو القرن ومعنى كلامه إن الأرواح تجتمع في القرن ثم ينفخ فيه فتذهب في الأجساد فتحيا بها الأجساد { ففزع } أي فصعق { من في السموات ومن في الأرض } أي ماتوا . والمعنى أنه يلقى عليهم الفزع إلى أن يموتوا . وقيل ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات ، نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام لرب العالمين { إلا من شاء الله } روى أبو هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى { إلا من شاء الله } قال « هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش » وقال ابن عباس : هم الشهداء لأنهم أحياء عند ربهم لا يصل إليهم الفزع . وقيل : يعني جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل فلا يبقى بعد النفخة إلا هؤلاء الأربعة ويروى أن الله تعالى يقول لملك الموت خذ نفس إسرافيل فيأخذ نفسه ثم يقول : من بقي يا ملك الموت فيقول : سبحانك ربي تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام ، وجهك الباقي الدائم بقي جبريل وميكائيل ، وملك الموت فيقول : خذ نفس ميكائيل . فيأخذ نفس ميكائيل فيقع ، كالطود العظيم فيقول من بقي من خلقي : فيقول : سبحانك ربي تباركت وتعاليت بقي جبريل ، وملك الموت فيقول مت يا ملك الموت فيموت فيقول يا جبريل من بقي فيقول : تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام بقي وجهك الدائم الباقي وجبريل ، الميت الفاني فيقول الله : يا جبريل لا بد من موتك فيقع ساجداً يخفق بجناحيه . فيروى أن فضل خلقه على ميكائيل كفضل الطود العظيم على ظرب من الظراب . ويروى أنه يبقى مع هؤلاء الأربعة حملة العرش ثم روح ملك الموت ، فإذا لم يبق أحد إلا الله تبارك وتعالى طوى السماء كطي السجل للكتاب ثم يقول الله « أنا الجبار لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول الله تعالى : لله الواحد القهار » ( ق ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى ، فأكون أول من رفع رأسه فإذا موسى أخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أكان ممن استثنى الله عز وجل أم رفع رأسه قبلي ، ومن قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب » وقيل الذين استثنى الله هم رضوان والحور ومالك والزبانية . وقوله تعالى { وكل } أي وكل الذين أحيوا بعد الموت { أتوه } أي جاؤوه { داخرين } أي صاغرين .