معاني القرآن للفراء - الفراء  
{إِنَّا جَعَلۡنَا فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ أَغۡلَٰلٗا فَهِيَ إِلَى ٱلۡأَذۡقَانِ فَهُم مُّقۡمَحُونَ} (8)

وقوله : { إِنا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهي إِلَى الأَذْقَانِ 8 }

فكنى عن هي ، وهي للأيمان ولم تذُكر . وذلك أن الغُلّ لا يكون إلاّ باليمين ، والعنق ، جامِعاً لليمين ، والعُنق ، فيكفي ذِكر أحدهما مِن صَاحِبه ، كَما قَالَ { فمنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أو إثما فأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ } فضمّ الوَرَثة إلى الوصيّ ولم يُذكروا ؛ لأن الصلح إنما يقع بين الوَصيّ والوَرَثة . ومثله قول الشاعر :

وما أدرى إذا يمّمت وجها *** أُريد الخير أيُّهما يليني

أَأَلخير الذي أَنا أبتغيه *** أم الشرّ الذي لا يأتليني

فكنى عن الشرّ وإنما ذكر الخير وَحده ، وذلكَ أن الشرّ يُذكر مع الخير ، وهي في قراءة عبد الله ( إنا جعنا في أَيْمانهم أغلالاً فهي إلى الأذقان } فكَفتِ الأَيمان من ذكر الأعناق في حرف عبد الله ، وكَفَت الأعناق من الأَيمان في قراءة العامَّة . والذَقَن أسْفل اللَّحيين . والمُقمَح : الغاضّ بصره بعد رفع رأسِهِ . ومعناه : إنا حبسناهم عن الإنفاق في سَبيل الله .