{ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً } تقرير لما قبلها مثلت حالهم بحال الذين غلت أعناقهم .
{ فَهِيَ } أي الأغلال منتهية { إِلَى الأَذْقَانِ } جمع ذقن . وهو أسفل اللحيين لأن الغل يجمع اليد إلى العنق فلا يقدرون عند ذلك على الالتفات ، ولا يتمكنون من عطفها لأن طوق الغل الذي في عنق المغلول يكون في ملتقى طرفيه تحت الذقن ، حلقة فيها رأس العمود ، خارجا من الحلقة إلى الذقن ، فلا يخليه يطأطئ رأسه فلا يزال مقمحا وهو معنى قوله :
{ فَهُم مُّقْمَحُونَ } أي رافعون رؤوسهم غاضون أبصارهم ، قال الفراء والزجاج : المقمح الغاض بصره بعد رفع رأسه ومعنى الإقماح : رفع الرأس وغض البصر ، يقال : أقمح البعير رأسه وقمح : إذا رفع رأسه ولم يشرب الماء .
قال الأزهري : أراد الله أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم رفعت الأغلال إلى أذقانهم ورؤوسهم صعداء فهم مرفوعو الرؤوس برفع الأغلال إياها ، وقال قتادة : معنى مقمحون مغلولون والأول أولى .
وقال أبو عبيدة : قمح البعير إذا رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب ، وعنه أيضا : هو مثل ضربه الله لهم في امتناعهم عن الهدى كامتناع المغلول ، كما يقال : فلان حمار أي لا يبصر الهدى ، قال الفراء : هذا ضرب مثل أي حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله ، وهو كقوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } وبه قال الضحاك .
وقيل : الآية إشارة إلى ما يفعل بقوم في النار من وضع الأغلال في أعناقهم كما قال تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم } وقرأ ابن عباس : { إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا } قال الزجاج أي في أيديهم ، قال النحاس : وهذه القراءة تفسير ، ولا يقرأ بما خالف المصحف ، قال : وفي الكلام حذف على قراءة الجماعة أي : إنا جعلنا في أعناقهم وفي أيديهم أغلالا فهي إلى الأذقان .
فلفظ { هي } كناية عن الأيدي لا عن الأعناق والعرب تحذف مثل هذا ونظير { سرابيل تقيكم الحر } أي وسرابيل تقيكم البرد لأن ما وقى من الحر وقى من البرد لأن الغل إذا كان في العنق فلا بد أن يكون في اليد ، ولا سيما وقد قال الله : { فهي إلى الأذقان } فقد علم أنه يراد به الأيدي فهم مقمحون ، أي رافعو رؤوسهم لا يستطيعون الإطراق لأن من غلت يداه إلى ذقنه ارتفع رأسه .
وروي عن ابن عباس أنه قرأ { إنا جعلنا في أيديهم أغلالا } وعن ابن مسعود أنه قرأ { إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا } كما روي سابقا عن ابن عباس ، وعنه قال : الأغلال ما بين الصدر إلى الذقن فهم مقمحون كما تقمح الدابة باللجام{[1389]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.