معاني القرآن للفراء - الفراء  
{مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (103)

وقوله : { ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حامٍ . . . }

قد اختُلِف في السائبة . فقيل : كان الرجل يُسيِّب من ماله ما شاء ، يذهب به إلى الذين يقومون على خدمة آلهتهم . قال بعضهم : السائبة إذا ولدت الناقة عشرة أبطن كلهنّ إناث سُيِّبت ، فلم تُركَب ولم يُجَزَّ لها وَبَر ، ولم يَشرب لبنَها إلا ولدُها أو ضيفٌ حتى تموت . فإذا ماتت أكلها الرجالُ والنساءُ ، وبُحِرت أذنُ ابن ابنتها - يريد : خُرِقت - فالبَحِيرة ابنة السائبة ، وهي بمنزلة أمّها . وأما الوصيلة فمن الشاء . إذا ولدت الشاة سبعة أبطن عَناقين عَناقين ، فولدت في سابعها عَناقا وَجْديا ، قيل : وصلت أخاها ، فلا يشرب لبنَها النساءُ ، وكان للرجال ، وجرت مجرى السائبة . وأما الحامي فالفحل من الإبل ؛ كان إذا لَقِح ولدُ ولده حَمَى ظهره ، فلا يُركب ولا يُجزّ له وَبَر ، ولا يُمنع من مرعىً ، وأي إبل ضَرب فيها لم يُمنع .

فقال الله تبارك وتعالى { ما جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ } هذا أنتم جعلتموه كذلك . قال الله تبارك وتعالى { وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ على اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } .