معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡـَٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (101)

وقوله : { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ . . . }

خطب النبيّ صلى الله عليه وسلم الناس ، وأخبرهم أن الله تبارك وتعالى قد فرض عليهم الحّج ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ( أَوَ في ) كلّ عام فأعرض عنه . ثم عاد ( فقال : أفي كل عام ، فأعرض عنه ، ثم عاد ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ما يؤمنك أن أقول ( نعم ) فيجب عليكم ، ثم لا تفعلوا فتكفروا . اتركوني ما تركتكم " .

و( أشياء ) في موضع خفض لا تُجْرَى . وقد قال فيها بعض النحويين : إنما كثرت في الكلام ، وهي ( أفعال ) فأشبهت فَعْلاء فلم تُصرف ؛ كما لم تصرف حمراء ، وجمعها أشاوَى - كما جمعوا عذراء عذارَى ، وصحراء صحارى - وأشياوات ؛ كما قيل : حمراوات . ولو كانت على التوهّم لكان أملك الوجهين بها أن تُجْرَى ؛ لأن الحرف إذا كثر به الكلام خَفّ ؛ كما كثرت التسمية بيزيد ، فأجَروه ، وفيه ياء زائدة تمنع من الإجراء . ولكنا نرى أن أشياء جُمعت على أفعِلاء ، كما جمع لَيِّن وأَلْيِناء ، فحذف من وسط أشياء همزة ، كان ينبغي لها أن تكون ( أَشْيِئاء ) فحذفت الهمزة لكثرتها . وقد قالت العرب : هذا من أبناوات سعد ، وأُعيذك بأسماوات الله ، وواحدها أسماء وأبناء تجرى ، فلو مَنعت أشياء الجَرْي لجمعهم إياها أشياوات لم أُجر أسماء ولا أبناء ؛ لأنهما جُمِعتا أسماوات وأبناوات .