التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (103)

{ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام } لما سأل قوم عن هذه الأمور التي كانت في الجاهلية هل تعظم لتعظيم الكعبة والهدى أخبرهم الله أنه لم يجعل شيئا من ذلك لعباده : أي لم يشرعه لهم ، وإنما الكفار جعلوا ذلك ، فأما البحيرة : فهي فعيلة بمعنى مفعولة من بحر إذا شق ، وذلك أن الناقة إذا أنتجت عشرة أبطن شقوا آذانها وتركوها ترعى ولا ينتفع بها وأما السائبة فكان الرجل يقول : إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة ، وجعلها كالبحيرة في عدم الانتفاع بها ، وأما الوصيلة فكانوا إذا ولدت الناقة ذكرا وأنثى في بطن واحد قالوا : وصلت الناقة أخاها فلم يذبحوها ، وأما الحامي فكانوا إذا نتج من صلب الجمل عشرة بطون قالوا : قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه شيء .

{ ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } أي : يكذبون عليه بتحريمهم ما لم يحرم الله .

{ وأكثرهم لا يعقلون } الذين يفترون على الله الكذب هم الذين اخترعوا تحريم تلك الأشياء ، والذين لا يعقلون هم أتباعهم المقلدون لهم