التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (103)

قوله تعالى :

( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ) .

قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب قال : البحيرة التي يمنع درها للطواغيت ، فلا يحلبها أحد من الناس ، والسائبة : كانوا يُسيبونها لآلهتهم ، فلا يُحمَل عليها شيءٌ . قال : وقال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار ، كان أول من سيَّب السَّوائب " . والوصيلة : الناقة البكر ، تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى ، ثم تثني بعد بأنثى ، وكانوا يسيبونهم لطواغيتهم أن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر . والحام : فحل الإبل يضرب الضراب المعدود ، فإذا قضي ضرابه ، ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل ، فلم يحمل عليه شيء ، وسموه الحَامِي . وقال لي أبو اليمان : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، سمعت سعيدا يخبره بهذا ، قال : وقال أبو هريرة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .

ورواه ابن الهاد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم .

( صحيح البخاري : 8/132-133ح4623- ك التفسير - سورة المائدة ) ، ( صحيح مسلم : 4/2192ح51 - ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، ب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء . نحوه . )

قال البخاري : حدثني محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، أن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت جهنم يُحطِّم بعضُها بعضا ، ورأيت عمرا يجرُّ قصَبَه ، وهو أول من سيَّب السَّوائب " .

( صحيح البخاري : 8 / 2 3 1 - 133 ح 4624 - ك التفسير - سورة المائدة ، ب الآية ) . و( انظر السيرة النبوية لابن هشام : 1 / 78 ، والمستدرك : 4 /605 ) .

قال أحمد : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت أبا الأحوص يحدث عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قَشَْفُ الهيئة ، فقال : هل لك مال ؟ قال : قلت : نعم . قال : من أي المال ؟ قال : قلت : من كل المال ؛ من الإبل والرقيق والخيل والغنم . فقال : إذا أتاك الله مالاً ، فلْيُرَ عليك . ثم قال : هل تنتج إبل قومك صحاحاً أذانُها ، فتعمد إلى موسى فتقطع أذانَها فتقول : هذه بُحُرٌ وتشقها ، أو تشق جلودها ، وتقول : هذه صُرُمٌ وتُحرِّمها عليك وعلى أهلك ؟ قال : نعم . قال : فإن ما أتاك الله عز وجل لك ، وساعد الله أشدُّ وموسى الله أحدُّ . وربما قال : " ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أحد من موساك . قال : فقلت : يا رسول الله أرأيت رجلا ، نزلت به ، فلم يُكرِمني و لم يَقْرِنِي ، ثم نزل بي أجزيه بما صنع أم أَقْرِيه ؟ قال : أَقْرِه .

( المسند : 3/473 ) ، وأخرجه الحاكم ( المستدرك : 4/181 ) من طريق وهب بن جرير ، كلاهما عن شعبة به ، وقال الحاكم : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي . وعزاه الهيثمي للطبراني في الصغير وقال : رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد : 5/133 ) ، وصححه الألباني بشواهده في ( غاية المرام ح 75 ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( ما جعل الله من بَحيرة ولا سائبة ) ليُسيبوها لأصنامهم ، ( ولا وَصيلة ) ، يقول : الشاة ، ( ولا حَامٍ ) يقول : الفحل من الإبل .

قوله تعالى : ( وأكثرهم لا يعقلون )

أخرج الطبري بسنده الحسن ، عن قتادة قوله : ( وأكثرهم لا يعقلون ) ، يقول : تحريم الشيطان الذي حرم عليهم ، إنما كان من الشيطان ، ولا يعقلون .