ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون
على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون( 103 )
( { جعل } هما بمعنى : سمى ، كما قال تعالى : ( إنا جعلناه قرآنا عربيا . . ) ( {[1899]} ) . أي : سميناه ، والمعنى في هذه الآية : ما سمى الله ، ولا سن ذلك حكما ، ولا تعبد به شرعا ، بيد أنه قضى به علما ، وأوجده بقدرته وإرادته خلقا ؛ فإن الله خالق كل شيء من خير وشر ، ونفع وضر ، وطاعة ومعصية ) ( {[1900]} ) ؛ عن سعيد بن المسيب : البحيرة هي التي يمنع درها إلا للطواغيت ، فلا يحتلبها أحد من الناس ؛ وأما السائبة فهي التي كانوا يسيبونها لآلهتهم ؛ وكان البحر- شق الأذن- علامة التخلية ؛ وقال الشافعي : إذا نتجت الناقة خمسة أبطن إناثا بحرت أذنها فحرمت ؛ قال :
محرمة لا يطعم الناس لحمها *** ولا نحن في شيء كذاك البحائر
وأما الوصيلة والحام ؛ فقال ابن وهب قال مالك : كان أهل الجاهلية يعتقون الإبل والغنم يسيبونها ، فأما الحام فمن الإبل ؛ كان الفحل إذا انقضى ضرابه جعلوا عليه من ريش الطواويس وسيبوه ، وأما الوصيلة فمن الغنم إذا ولدت أنثى بعد أنثى سيبوها ؛ وقال ابن إسحق ( {[1901]} ) الوصيلة الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر ، قالوا : وصلت ؛ فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث ، إلا أن يموت شيء منها فيشترك في أكله ذكورهم وإناثهم ؛ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قُصبه ( {[1902]} ) في النار وكان أول من سيب السوائب " ؛ { ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون }- الذين بحروا البحائر ؛ وسيبوا السوائب . . . . . مثل عمرو . . وأشكاله ممن سنوا لأهل الشرك السنن الرديئة ، وغيروا دين الله دين الحق ، وأضافوا إلى الله تعالى أنه هو الذي حرم ما حرموا ، فقال تعالى ذكره : ما جعلت من بحيرة ولا سائبة ؛ ولكن الكفار هم الذين يفعلون ذلك ويفترون على الله الكذب . . . { وأكثرهم لا يعقلون } هم أتباع من سن لهم هذه السنن من جهلة المشركين ، فهم لا شك أنهم أكثر من الذين سنوا لهم ذلك ، فوصفهم الله تعالى بأنهم لا يعقلون لأنهم لم يكونوا يعقلون أن الذين سنوا لهم تلك السنن وأخبروهم أنها من عند الله كذبة في أخبارهم أفكة ، بل ظنوا أنهم فيما يقولون محقون ، في أخبارهم صادقون ، وإنما معنى الكلام : وأكثرهم لا يعقلون أن ذلك التحريم الذي حرمه هؤلاء المشركون وأضافوه إلى الله تعالى كذب وباطل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.