قوله سبحانه : { ما جعل الله } حراما ، { من بحيرة } لقولهم : إن الله أمرنا بها ، نزلت في مشركي العرب ، منهم : قريش ، وكنانة ، وعامر بن صعصعة ، وبنو مدلج ، والحارث وعامر ابنى عبد مناة ، وخزاعة ، وثقيف ، أمرهم بذلك في الجاهلية عمرو بن ربيعة بن لحى بن قمعة بن خندف الخزاعي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "رأيت عمرو بن ربيعة الخزاعي رجلا قصيرا ، أشقر ، له وفرة ، يجر قصبة في النار ، يعني أمعاءه ، وهو أول من سيب السائبة ، واتخذ الوصيلة ، وحمى الحامي ، ونصب الأوثان حول الكعبة ، وغير دين الحنفية ، فأشبه الناس به أكثم بن لجون الخزاعي" ، فقال أكثم : أيضرني شبهه يا رسول الله ؟ قال : "لا أنت مؤمن وهو كافر" .
والبحيرة الناقة إذا ولدت خمسة أبطن ، فإذا كان الخامس سقيا ، وهو الذكر ، ذبحوه الآلهة ، فكان لحمه للرجال دون النساء ، وإن كان الخامس ربعة ، يعني أنثى ، شقوا أذنيها ، فهي البحيرة ، وكذلك من البقر ، لا يجز لها وبر ، ولا يذكر اسم الله عليها إن ركبت ، أو حمل عليها ، ولبنها للرجال دون النساء ، وأما السائبة ، فهي الأنثى من الأنعام كلها ، كان الرجل يسيب للآلهة ما شاء من إبله وبقره وغنمه ، ولا يسيب إلا الأنثى ، وظهورها ، وأولادها ، وأصوافها ، وأوبارها ، وأشعارها ، وألبانها للآلهة ، ومنافعها للرجال دون النساء ، وأما الوصيلة ، فهي الشاة من الغنم إذا ولدت سبعة أبطن عمدوا إلى السابع ، فإن كان جديا ذبحوه للآلهة ، وكان لحمه للرجال دون النساء ، وإن كانت عتاقا استحيوها ، فكانت من عرض الغنم .
قال عبد الله بن ثابت : قال أبي : قال أبو صالح : قال مقاتل : وإن وضعته ميتا ، أشرك في أكله الرجال والنساء ، فذلك قوله عز وجل : { وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء } ( الأنعام : 139 ) ، بأن ولدت البطن السابع جديا وعتاقا ، قالوا : إن الأخت قد وصلت أخاها ، فرحمته علينا ، فحرما جميعا ، فكانت المنفعة للرجال دون النساء ، وأما الحام ، فهو الفحل من الإبل إذا ركب أولاد أولاده ، فبلغ ذلك عشرة أو أقل من ذلك ، قالوا : قد حمى هذا ظهره ، فأحرز نفسه ، فيهل للآلهة ولا يحمل عليه ، ولا يركب ، ولا يمنع من مرعى ، ولا ماء ، ولا حمى ، ولا ينحر أبدا حتى يموت موتا ، فأنزل الله عز وجل : { ما جعل الله } حراما ، { من بحيرة } { ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا } من قريش وخزاعة من مشركي العرب ، { يفترون على الله الكذب } ، لقولهم : إن الله أمرنا بتحريمه حين قالوا في الأعراف : { والله أمرنا بها } ( الأعراف : 28 ) ، يعني بتحريمها ، ثم قال : { وأكثرهم لا يعقلون } أن الله عز وجل لم يحرمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.