صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ} (103)

{ ما جعل الله من بحيرة }ما شرع الله هذه المحرمات التي حرمتموها على أنفسكم ، وزعمتم أنه حرمها كذبا على الله تعالى . وكانوا في الجاهلية إذا ولدت الناقة خمسة أبطن أخرها ذكر شقوا أذنها ومنعوا ركوبها ، وتركوها لآلهتهم ، لا تنحر ولا يحمل عليها ، ولا تطرد عن ماء أو مرعى ، وسموها { البحيرة } أي مشقوقة الأذن ، من البحر وهو الشق . وكان الرجل إذا قدم من سفر ، أو نجت ناقته من حرب ، أو برأ من مرض سيب ناقته وخلاها وجعلها كالبحيرة ، وتسمى{ السائبة } . وقيل : هي الناقة التي تعتق للأصنام ، وكانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا فهو لألهتهم ، و إن ولدت ذكرا و أنثى قالوا : وصلت أخاها ، فلم يذبحوا الذكر لألهتهم ، وتسمى{ الوصيلة } . وقيل : هي الناقة تبكر بأنثى ثم تثنى بأنثى ، فكانوا يتركونها للطواغيت ويقولون : قد وصلت أنثى بأنثى ليس بينهما ذكر . وكان الفحل إذا لقح ولد ولده قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ، ولا يمنع ماء ولا مرعى حتى يموت . يقال : حماه يحميه إذا حفظه ، ويسمى{ الحامي } . وفي تفسير الأربعة خلاف كثير . و أول من ابتدع هذه المنكرات عمرو بن الحي ، وكان قد ملك مكة فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان ، وغير دين إسماعيل عليه السلام .