{ مَا جَعَلَ الله مِن بَحِيرَةٍ }
يعني : ما جعل الله حراماً من بحيرة ، لقولهم : إن الله أمرهم بتحريمها . ونزلت في مشركي العرب ، فكانت الناقة إذا ولدت البطن الخامس ، فإن كان الخامس ذكراً ذبحوه للآلهة ، وكان لحمه للرجال دون النساء ، وإن مات أكله الرجال والنساء . وإن كان الولد الخامس أنثى شَقُّوا أذنها وهي البحيرة ، ثم لا يُجَزّ لها وبر ولا يُذكر عليه اسم الله ، وألبانها للرجال دون النساء . فإذا ماتت اشترك فيها الرجال والنساء . { وَلاَ سَائِبَةٍ } وأما السائبة : فهي الأنثى من الأنعام كلها . إذا قدم الرجل من سفره ، أو برأ من مرضه ، أو بنى بناءً ، سيّب شيئاً من الأنعام للآلهة ، وخرجها من ملكه ، ويسلمها إلى سدنة البيت لآلهتهم ، ولا يركبونها . وكان صوفها وأولادها للرجال دون النساء . { وَلاَ وَصِيلَةٍ } وأما الوصيلة : فهي من الغنم إذا ولدت سبعة أبطن . فإن كان الولد السابع جدياً ذبحوه لآلهتهم ، وكان لحمه للرجال دون النساء ؛ وإن كانت عناقاً ، كانوا يستعملونها بمنزلة سائر الغنم . وإن كان جدياً وعناقاً ، قالوا : إن الأخت قد وصلت بأخيها ، فحرمتا جميعاً ، وكانت المنفعة للرجال دون النساء . وإن ماتا تشارك الرجال والنساء .
{ وَلاَ حَامٍ } وأما الحام : فهو الفحل من الإبل إذا ركب ولده . قالوا : قد حمى ظهره فيهمل ، ولا يحمل ، ولا يركب ، ولا يمنع من المياه ، ولا عن المراعي ، فإذا مات أكله الرجال والنساء . وكانوا يقولون : هذه الأشياء كلها من أحكام الله تعالى .
قال الله تعالى : ما حرّم الله هذه الأشياء { ولكن الذين كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ على الله الكذب } . وروى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنِّي أعْرِفُ أوَّلَ مَنْ سَيِّبَ السَّوَائِبِ ، وَأَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ » قالوا : من هو يا رسول الله ؟ قال : « عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ أخُو بَنِي كَعْبٍ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصبَهُ فِي النَّارِ يُؤْذِي ريحُهُ أهْلَ النَّارِ ، وَإنِّي لأعْرِفُ مَنْ بَحَّرَ البَحَائِرَ » قالوا : من هو يا رسول الله ؟ قال : « رَجُلٌ مِنْ بَنِي مدْلِج كَانَتْ لَهُ نَاقَتَانِ ، فَجَدَعَ آذَانَهُما ، وَحَرَّمَ ألْبَانَهُمَا ، ثُمَّ شَرِبَ ألْبَانَهُمَا بَعْدَ ذلك . فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ وَهُوَ وَهُمَا يَعضَّانِهِ بِأَفْوَاهِهِمَا ، وَيَخْبِطَانِهِ بِأَخْفَافِهِمَا » ثم قال تعالى : { وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } يعني : ليس لهم عقل يعقلون أن الله هو المحلل والمحرم ، وليس لغيره أن يحل ويحرم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.