معاني القرآن للفراء - الفراء  
{لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ سَمَّـٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (47)

وقوله : { ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ }

الإيضاع : السير بين القوم . وكتبت بلام ألف وألف بعد ذلك ، ولم يكتب في القرآن لها نظير . وذلك أنهم لا يكادون يستمرون في الكتاب على جهة واحدة ؛ ألا ترى أنهم كتبوا { فَما تُغْنِ النُّذُرُ } بغير ياء ، { وما تُغْنِى الآيَاتُ والنُّذُرُ } بالياء ، وهو من سوء هجاء الأوّلين . { ولأَوْضَعُواْ } مجتمع عليه في المصاحف . وأما قوله { أَوْ لاَ أَذْبَحَنَّهُ } فقد كتبت بالألف وبغير الألف . وقد كان ينبغي للألف أن تحذف من كله ؛ لأنها لام زيدت على ألف ؛ كقوله : لأخوك خير من أبيك ؛ ألا ترى أنه لا ينبغي أن تكتب بألف بعد لام ألف . وأما قوله { لا انْفِصَامَ لَها } فتكتب بالألف ؛ لأن ( لا ) في ( انفصام ) تبرئة ، والألف من ( انفصام ) خفيفة . والعرب تقول : أوضع الراكب ؛ ووضعت الناقة في سيرها . وربما قالوا للراكب وضع ؛ قال الشاعر :

إني إذا ما كان يوم ذو فزَعْ *** ألفيتني محتملا بِذي أضع

وقوله : { يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ } المعنى : يبغونها لكم . ولو أعانوهم على بُغائها لقلت : أبغيتك الفتنة . وهو مثل قولك : أَحلِبنى واحلُبنى .