{ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين } : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع ، وضرب عبد الله بن أبيّ عسكره أسفل منها ، ولم يكن بأقل العسكرين ، فلما سار تخلف عنه عبد الله فيمن تخلف فنزلت بعرى الله ورسوله إلى قوله : وهم كارهون .
وفيكم أي : في جيشكم أو في جملتكم .
قال ابن عباس : الخبال الفساد ومراعاة إخماد الكلمة .
وقال الكلبي : الشر ، وقاله : ابن قتيبة .
وقيل : إيقاع الاختلاف والأراجيف ، وتقدّم شرح الخبال في آل عمران .
وهذا الاستثناء متصل وهو مفرغ ، إذ المفعول الثاني لزاد لم يذكر ، وقد كان في هذه الغزوة منافقون كثير ، ولهم لا شك خبال ، فلو خرج هؤلاء لتألبوا فزاد الخبال .
وقال الزمخشري : المستثنى منه غير مذكور ، فالاستثناء من أعم العام الذي هو الشيء ، فكان هو استثناء متصلاً لأنّ بعض أعم العام ، كأنه قيل : ما زادوكم شيئاً إلا خبالاً .
وقيل : هو استثناء منقطع ، وهذا قول من قال : إنه لم يكن في عسكر الرسول خبال .
فالمعنى : ما زادوكم قوة ولا شدة لكن خبالاً .
وقرأ ابن أبي عبلة : ما زادوكم بغير واو ، ويعني : ما زادكم خروجهم إلا خبالاً .
أرانا موضعين لأمر غريب *** ونسحر بالطعام وبالشراب
ويقال : وضعت الناقة تضع وضعاً ووضوعاً قال :
يا ليتني فيها جذع *** أخب فيها وأضع
قال الحسن : معناه لأسرعوا بالنميمة .
وقرأ محمد بن القاسم : لأسرعوا بالفرار .
ومفعول أوضعوا محذوف تقديره : ولأوضعوا ركائبكم بينكم ، لأن الراكب أسرع من الماشي .
وقرأ مجاهد ومحمد بن زيد : ولأوفضوا أي أسرعوا كقوله : { إلى نصيب يوفضون } وقرأ ابن الزبير : ولأرفضوا بالراء من رفض أسرع في مشيه رفضاً ورفضاناً قال حسان :
بزجاجة رفضت بما في جوفها *** رفض القلوص براكب مستعجل
والرافضات إلى منى فالقبقب *** والخلاف جمع الخلل ، وهو الفرجة بين الشيئين .
وقال الأصمعي : تخللت القوم دخلت بين خللهم وخلالهم ، وجلسنا خلال البيوت وخلال الدور أي : بينها ، ويبغون حال أي : باغين .
والفتنة هنا الكفر قاله : مقاتل ، وابن قتيبة ، والضحاك .
أو العيب والشر قاله : الكلبي .
أو تفريق الجماعة أو المحنة باختلاف الكلمة أو النميمة .
وقال الزمخشري : يحاولون أن يفتنوكم بأن يوقعوا الخلاف فيما بينكم ، ويفسدوا نياتكم في مغزاكم .
وفيكم سماعون لهم أي : ضامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم ، أو فيكم قوم يستمعون للمنافقين ويطيعونهم انتهى .
فاللام في القول الأول للعليل ، وفي الثاني لتقوية التعدية كقوله : { فعال لما يريد } والقول الأول قاله : سفيان بن عيينة ، والحسن ، ومجاهد ، وابن زيد ، قالوا : معناه جواسيس يستمعون الأخبار وينقلونها إليهم ، ورجحه الطبري .
والقول الثاني قول الجمهور قالوا : معناه وفيكم مطيعون سماعون لهم .
ومعنى وفيكم في خلالكم منهم ، أو منكم ممن قرب عهده بالإسلام .
والله عليم بالظالمين يعم كل ظالم .
ومعنى ذلك : أنه يجازيه على ظلمه .
واندرج فيه من يقبل كلام المنافقين ، ومن يؤدي إليهم أخبار المؤمنين ، ومن تخلف عن هذه الغزاة من المنافقين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.