الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ سَمَّـٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (47)

{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم } الآية ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالجهاد لغزوة تبوك ، فلمّا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وعسكره على ثنيّة الوداع ، ولم يكن بأقلّ العسكرين ، فلمّا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أُبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب ، فأنزل الله تعالى [ يعزي ] نبيه صلى الله عليه وسلم { لو خرجوا فيكم } يعني المنافقين { مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } فساداً ، وقال الكلبي : شرّاً وقيل : غدراً ومكرا { ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ } يعني ولأوضعوا ركابهم بينكم ، يقال : وضعت الناقة تضع وضعاً ووضوعاً إذا أسرعت السير ، وأوضعها أيضاعاً أي جدّ بها فأسرع ، قال الراجز :

يا ليتني فيها جذع *** أخبّ فيها وأضعْ

وقال : أقصرْ فإنك طالما *** أوضعت في إعجالها

قال محمد بن إسحاق يعني : أسرع الفرار في أوساطكم وأصل الخلال من الخلل وهو الفرجة بين الشيئين وبين القوم في الصفوف وغيرها ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " تراصّوا في الصفوف لايخللكم الشيطان كأولاد الحذف " .

{ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ } أي يبغون لكم ، يقول : يطلبون لكم ماتفتنون به ، يقولون : لقد جمع [ العدو ] لكم فعل وفعل ، يخبلونكم .

وقال الكلبي : يبغونكم الفتنة يعني الغيب والسر ، وقال الضحاك : يعني الكفر ، يقال فيه : بغيته أبغيه بغاء إذا التمسته بمعنى بغيت له ، ومثله عكمتك إن عكمت لك فيها ، وإذا أرادوا أعنتك عليه قالوا : أبغيتك وأحلبتك وأعمكمتك .

{ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } قال مجاهد وابن زيد بينكم عيون لهم عليكم [ يوصلون ] مايسمعون منكم ، وقال قتادة وابن يسار : وفيكم من يسمع كلامهم ويطبعهم { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ *