الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوۡمَ يَأۡتِيهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرۡنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوٓاْ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٖ} (44)

قوله تعالى : { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ } : مفعولٌ ثانٍ ل " أَنْذِرْ " ، أي : خَوِّفْهم عذابَ يومٍ ، كذا قدَّره أبو البقاء ، وفيه نظرٌ ؛ إذ يَؤُول إلى قولِك : أَنْذِرْ عذابَ يومِ يأتيهم العذابُ ، فلا حاجةَ إلى ذلك . ولا جائزٌ أن يكونَ ظرفاً له ، لأنَّ ذلك اليومَ لا إنذارَ فيه ، سواءً قيل : إنه يومُ القيامةِ ، أو يومٌ لهلاكهم ، أو يومَ يلقاهم الملائكةُ . وقوله : " نُجِبْ " جوابُ الأمر .

قوله : { أَوَلَمْ تَكُونُواْ } قال الزمخشريُّ : " على إرادةِ القول ، وفيه وجهان : أن يقولوا ذلك بَطَراً وأَشَرَاً ، وأَنْ يقولوه بلسان الحالِ حيث بَنَوْا شديداً وأمَّلوا بعيداً " .

و " مالكم " جوابُ القسمِ ، وإنما جاء بلفظِ الخطابِ ، لقوله : " أَقْسَمْتُمْ " ولو جاء بلفظِ المُقْسِمين لقيل : ما لنا . وقَدَّر الشيخ ذلك القولَ من قولِ الله تعالى أو الملائكةِ ، أي : فيقال لهم : أو لم تكونوا . وهو عندي أظهرُ مِن الأول ، أعني جَرَيانَ القولِ مِنْ غيرهم لا منهم .