الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَتَىٰٓ أَمۡرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} (1)

قوله تعالى : { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ } : في " أتى " وجهان ، أحدُهما : - وهو المشهورُ- أنه ماضٍ لفظاً مستقبلٌ معنى ؛ إذ المرادُ به يومُ القيامة ، وإنما أُبْرِز في صورةِ ما وَقَع وانقضى تحقيقاً له ولصِدْقِ المخبِرِ به . والثاني : أنه على بابه ، والمرادُ به مقدِّماتُه وأوائلُه ، وهو نَصْرُ رسولِه صلى الله عليه وسلم .

قوله : { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } في الضميرِ المنصوبِ وجهان ، أظهرُهما : أنَّه للأمرِ ، فإنَّه هو المُحَدَّثُ عنه . والثاني : أنه لله ، أي : فلا تستعجلوا عذابَه .

قوله : { عَمَّا يُشْرِكُونَ } يجوز أن تكونَ " ما " مصدريةً فلا عائدَ عند الجمهور ، أي : عن إشراكِهم به غيرَه ، وأن تكونَ موصولةً اسميةً .

وقرأ العامَّةُ : { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } بالتاء خطاباً للمؤمنين أو للكافرين . وابنُ جبير بالياء من تحتُ عائداً على الكفار أو المؤمنين .

وقرأ الأَخَوان : " تُشْرِكُون " بتاءِ الخطابِ جَرْياً على الخطابِ في " تَسْتَعْجِلُوه " والباقون بالياء عَوْداً على الكفار . وقرأ الأعمشُ وطلحةُ والجحدريُّ وجَمٌّ غفيرٌ بالتاء من فوقُ في الفعلين .