قوله تعالى : { ذُرِّيَّةَ } : العامَّةُ على نصبها وفيها أوجهٌ ، أحدُها : أنها منصوبةٌ على الاختصاصِ ، وبه بدأ الزمخشري . الثاني : أنَّها منصوبَةً على البدلِ من " وَكِيلاً " ، أي : أن لا تتخذوا من دونِه ذريةَ مَنْ حَمَلْنا . الثالث : أنها منصوبةٌ على البدلِ مِنْ " موسى " ، ذكره أبو البقاء وفيه بُعْدٌ بعيد . الرابع : أنها منصوبةٌ على المفعولِ الأولِ ل " تتخذوا " ، والثاني هو " وكيلاً " فقُدِّم ، ويكون " وكيلاً " ممَّا وقع مفردَ اللفظ والمَعْنِيُّ به جمعٌ ، أي : لا تتخذوا ذريةَ مَنْ حَمَلْنا مع نوح وُكَلاءَ كقوله : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً } [ آل عمران : 80 ] .
الخامس : أنها منصوبةٌ على النداء ، أي : يا ذريةَ مَنْ حَمَلْنا ، وخَصُّوا هذا الوجهَ بقراءة الخطاب في " تتَّخذوا " وهو واضحٌ عليها ، إلا أنه لا يَلْزَمُ ، وإن كان مكيٌّ قد منع منه فإنه قال : " فأمَّا مَنْ قرأ " يتَّخذوا " بالياء فذريَّةَ مفعولٌ لا غيرَ ، ويَبْعُدُ النداءُ ؛ لأن الياءَ للغَيْبة والنداءَ للخطابِ ، فلا يجتمعان إلا على بُعْدٍ " . وليس كما زعم ، إذ يجوزُ أن يُناديَ الإِنسانَ شخصاً ويُخْبِرَ عن آخرَ فيقول : " يا زيدُ ينطلقٌ بكرٌ وفعلتَ كذا " و " يا زيدُ ليفعلْ عمروٌ كيتَ وكيت " .
وقرأت فرقةٌ " ذُرِّيَّةُ " بالرفع ، وفيها وجهان ، أحدهما : أنها خبرُ مبتدأ مضمرٍ تقديرُه : هو ذريَّةُ ، ذكره [ أبو ] البقاء وليس بواضحٍ . والثاني : أنه بدلٌ من واوِ " تتَّخذوا " قال ابن عطية : " ولا يجوز ذلك في القراءةِ بالتاءِ ، لأنك لا تُبْدِلُ من ضميرٍ مخاطب ، لو قلت : " ضربْتُك زيداً " على البدل لم يَجُزْ " .
وَرَدَّ عليه الشيخ هذا الإِطلاقَ وقال : " ينبغي التفصيلُ ، وهو إن كان بدلَ بعضٍ أو اشتمالٍ جاز ، وإن كان كلاًّ مِنْ كل ، وأفاد الإِحاطةَ نحو " جئتُمْ كبيرُكم وصغيركم " جَوَّزه الأخفش والكوفيون . قال : " وهو الصحيحُ " . قلت : وتمثيلُ ابنِ عطيةَ بقولِه " ضَرَبْتُكَ زيداً " قد يَدْفع عنه هذا الردَّ .
وقال مكي : " ويجوز الرفعُ في الكلامِ على قراءةِ مَنْ قرأ بالياء على البدلِ من المضمرِ في " يتَّخذوا " ولا يَحْسُنُ ذلك في قراءة التاء ؛ لأنَّ المخاطبَ لا يُبْدَلُ منه الغائبُ ، ويجوز الخفضُ على البدل من بني إسرائيل " . قلت : أمَّا الرفعُ فقد تقدَّم أنه قرئ به وكأنه ام يَطَّلِعْ عليه ، وأمَّا الجرُّ فلم يُقْرَأْ به فيما عَلِمْتُ ويَرِد عليه في قوله " لأنَّ المخاطب لا يُبْدَلُ منه الغائبُ " ما وَرَدَ على ابن عطية ، بل أَوْلَى لأنه لم يذكر مثالاً يبيِّن مرادَه كما فعل ابنُ عطية/ .
قوله تعالى : { مَنْ حَمَلْنَا } : يجوز أن تكونَ موصولةً أو موصوفةً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.