التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا} (3)

قوله تعالى { ذرية من حملنا مع نوح }

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة من حملهم مع نوحا تنبيها على النعمة التي نجاهم بها من الغرق ليكون في ذلك تهييج لذرياتهم على طاعة الله ، أي يا ذرية من حملنا مع نوح فنجيناهم من الغرق ، تشبهو بأبيكم فاشكروا نعمنا وأشار إلى هذا المعنى في قوله : { أولئك من الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح } الآية ، وبين الله في موضع أخر الذين حملهم مع نوح من هم ؟ وبين الشيء الذي حملهم فيه وبين من بقي له نسل وعقب منهم ومن انقطع لم يبق منه نسل ولا عقب فبين أن الذين حملهم مع نوح : هم أهله ومن آمن معه من قومه في قوله : { قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن } ، وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله { وما آمن معه إلا قليل } وبين ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه قال في امرأته : { وضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح } إلى قوله { وقيل ادخلا النار مع الداخلين } وقال في ابنه { وحال بينهما الموج فكان من المغرقين } .

قال الطبري : حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : قال مجاهد : بنوه ونساؤهم ونوح ولم تكن امرأته .

ورجاله ثقات ، وإسناده صحيح .

قوله تعالى { إنه كان عبدا شكورا }

الضمير يعود إلى نوح بدليل ما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة مرفوعا : وفيه أن الناس يأتون نوح فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا .

( صحيح البخاري-التفسير سورة بني إسرائيل رقم4712 ) .

وقد وردت بعض الروايات في السبب الذي سماه الله تعالى من أجله شكورا ، فأخرج الطبري والحاكم من طريق سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال : كان نوح إذا لبس ثوبا أو أكل طعاما حمد الله فسمي عبدا شكورا .

وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ( المستدرك2/630 ) وأخرجه الطبري أيضا من طريق أيوب عن أبي عثمان النهدي به نحوه ، وبنحوه أخرجه بأسانيده عن مجاهد وقتادة ، وأخرجه أيضا عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة .