إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا} (3)

{ ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } نُصب على الاختصاص أو النداءِ على قراءة النهي ، والمرادُ تأكيدُ الحملِ على التوحيد بتذكير إنعامِه تعالى عليهم في ضمن إنجاءِ آبائِهم من الغرق في سفينة نوحٍ عليه السلام ، أو على أنه أحدُ مفعولَيْ لا يتخذوا على قراءة النفي ومن دون حالٌ من وكيلاً فيكون كقوله تعالى : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الملائكة والنبيين أَرْبَابًا } وقرئ بالرفع على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أو بدلٌ من واو لا تتخذوا بإبدال الظاهرِ من ضمير المخاطَب كما هو مذهبُ بعض البغادِدَة ، وقرئ ذِرّية بكسر الذال { إنَّهُ } أي إن نوحاً عليه الصلاة والسلام { كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } كثيرَ الشكر في مجامع حالاتِه ، وفيه إيذانٌ بأن إنجاءَ مَنْ معه كان ببركة شكرِه عليه الصلاة والسلام وحثٌّ للذرية على الاقتداء به وزجرٌ لهم عن الشرك الذي هو أعظمُ مراتبِ الكُفرانِ ، وقيل : الضمير لموسى عليه السلام .