فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا} (3)

{ ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } نصب على الاختصاص أو النداء ، ذكرهم سبحانه إنعامه عليهم في ضمن إنجاء آبائهم من الغرق ، ويجوز أن يكون المفعول الأوّل لقوله { أن لا تتخذوا } أي : لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلاً ، كقوله : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الملائكة والنبيين أَرْبَابًا } [ آل عمران : 80 ] . وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من فاعل { تتخذوا } ، وقرأ مجاهد بفتح الذال ، وقرأ زيد بن ثابت بكسرها ، والمراد بالذرية هنا : جميع من في الأرض ، لأنهم من ذرية من كان في السفينة ؛ وقيل : موسى وقومه من بني إسرائيل . وهذا هو المناسب لقراءة النصب على النداء والنصب على الاختصاص ، والرفع على البدل وعلى الخبر ، فإنها كلها راجعة إلى بني إسرائيل المذكورين ، وأما على جعل النصب على أن { ذرية } هي المفعول الأوّل لقوله { لا تتخذوا } ، فالأولى تفسير الذرية بجميع من في الأرض من بني آدم . { إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } أي : نوحاً ، وصفه الله بكثرة الشكر وجعله كالعلة لما قبله إيذاناً بكون الشكر من أعظم أسباب الخير ، ومن أفضل الطاعات حثاً لذريته على شكر الله سبحانه .

/خ3