الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا} (3)

وعني بالذرية هنا جميع من احتج عليهم{[40329]} بهذا القول من جميع الأمم لأن من على وجه الأرض من جميع بني آدم كلهم ذرية من أنجى الله [ عز وجل ] في السفينة مع نوح [ صلى الله عليه وسلم ] .

وهو نوح وثلاثة بنون وامرأته وثلاث نسوة لبينه{[40330]} . وبنوه{[40331]} هو سام وحام ويافث . أما سام فأبو{[40332]} العرب وأما حام فأبو الحبش وأما يافث فأبو الروم{[40333]} . وقد تقدم ذكر هذا بأوعب من هذا البيان .

ثم قال تعالى : { إنه كان عبدا شكورا } [ 3 ] .

يعني : نوحا{[40334]} [ صلى الله عليه وسلم ]{[40335]} . قال سلمان الفارسي : إنما سمي نوحا عبدا شكورا ، لأنه كان إذا لبس ثوبا حمد الله ، وإذا أكل طعاما حمد الله ، وهو قول مجاهد{[40336]} .

وقيل : إنه كان يقول إذا أكل [ طعاما{[40337]} ] الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء أجاعني . وإذا شرب قال : الحمد لله الذي سقاني{[40338]} ولو شاء أظمأني . وإذا لبس ثوبا قال : الحمد لله الذي أكساني ، ولو شاء أعراني . وإذا لبس نعلا ، قال : الحمد لله الذي حذاني ولو شاء أحفاني{[40339]} . وإذا قضى حاجته قال : الحمد الذي أخرج عني الأذى ولو شاء لحبسه{[40340]} .

وقيل : سمي " شكورا " / لأنه كان يقول : إذا خرج البراز منه : الحمد{[40341]} لله الذي سوغنيك طيبا وأخرج مني{[40342]} أذاك وأبقى منفعتك{[40343]} .

وقيل{[40344]} : سمي بذلك لأنه كان إذا لبس ثوبا جديدا قال : الحمد لله ، وإذا أخلقه قال الحمد لله{[40345]} . وقال القرظي{[40346]} : [ يقول{[40347]} ] إذا أكل أو شرب أو ركب دابة أو لبس ثوبا [ ال ]حمد{[40348]} لله . و[ روي ]{[40349]} عن سلمان{[40350]} أيضا مثله{[40351]} .

فالحمد لله والشكر له والإقرار له بالحمد على نعمه يعني{[40352]} : بالشكر . وروي عن بعض الصحابة أو بعض التابعين أنه قال : لو جمع نعم الدنيا كلها{[40353]} في قشرة بيضة ثم لحسه{[40354]} مؤمن ، وقال الحمد لله لأدى شكر[ ه{[40355]} ] ذلك .

وروى مالك عن سهل{[40356]} بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة [ أنه{[40357]} ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مرض العبد ، يعني : المؤمن بعث الله [ عز وجل{[40358]} ] إليه ملكين فيقول : انظرا{[40359]} ما يقول لعواده{[40360]} . فإن هو إذا دخلوا عليه حمدا لله رفعوا ذلك إلى الله [ عز وجل{[40361]} ] ، وهو أعلم ، فيقول الله عز وجل : لعبدي ، إن أنا توفيته ، أن ادخله الجنة ، وإن أنا شفيته ، أن أبدله لحما خيرا من لحمه ، ودما خيرا من دمه ، وأن كفر عنه سيئاته{[40362]} " .

وروى مالك عن أبي الزناد{[40363]} ، عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه{[40364]} عن ربه [ عز وجل قال ]{[40365]} : " إذا{[40366]} ابتليت عبدي [ بلاء ]{[40367]} فصبر{[40368]} أبدلته خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وإن أنا قبضته في علته تلك قبضته{[40369]} إلى رحمتي وكرامتي .


[40329]:ط: عليه.
[40330]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/19.
[40331]:ط: بنوهم.
[40332]:ط: فاب.
[40333]:وهو قول قتادة، انظر: جامع البيان 15/19.
[40334]:ق : نوح.
[40335]:ساقط من ق.
[40336]:انظر : هذا القول في جامع البيان 15/19، والمستدرك 2/90، والجامع 10/139، والدر 5/236.
[40337]:ساقط من ط.
[40338]:ط :ساقني.
[40339]:ق : أحافني.
[40340]:وهذا قول عمران بن مسلم انظر: جامع البيان 15/20 والجامع 10/20 والجامع 10/140.
[40341]:ق: قال الحمد ...
[40342]:ط : عني.
[40343]:ط : "في منفعتك" وهذا قول أبي مريم، انظر: جامع البيان 15/20.
[40344]:ساقط من ط.
[40345]:وهو قول قتادة، انظر: جامع البيان 15/20.
[40346]:ق: القرظي.
[40347]:ساقط من ط.
[40348]:ساقط من ط.
[40349]:ساقط من ط.
[40350]:ط: سليمان.
[40351]:سبق هذا القول في الصفحة السابقة هـ4.
[40352]:ق: تبقى.
[40353]:ط: كله.
[40354]:ط: حساه.
[40355]:ساقط من ط.
[40356]:ط: سهيل.
[40357]:ساقط من ط.
[40358]:ساقط من ق.
[40359]:ق : انظرو.
[40360]:ق: العواد.
[40361]:ساقط من ط.
[40362]:أخرجه مالك في الموطأ ص 810 مع بعض الاختلاف، وأحمد في المسند 3/148 مع بعض الاختلاف.
[40363]:ق: "أبي الدرداء، وأبو الزناد. هو عبد الله بن ذكران القرشي المدني، محدث من كبارهم، وكان سفيان يسميه أمير المؤمنين في الحديث، ولد سنة 65 هـ وتوفي بالمدينة فجأة سنة 131 هـ، كان ثقة في الحديث عالما بالعربية فصيحا.
[40364]:ق: يرونه.
[40365]:ساقط من ق.
[40366]:ق: فإذا.
[40367]:ساقط من ط.
[40368]:ق: بصير.
[40369]:ق: بصير.