قوله : { قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } : قال : الزمخشري : " أَدْخَلَ " قد " ليؤكِّد عِلْمَه بما هم عليه من المخالفةِ عن الدينِ والنفاق ، ويرجع توكيدُ العلمِ إلى توكيدِ الوعيدِ : وذلك أنَّ " قد " إذا دَخَلَتْ على المضارعِ كانت بمعنى " رُبَّما " فوافَقَتْ " رُبَّما " في خروجِها إلى معنى التكثير في نحو قوله :
فإنْ تُمْسِ مهجورَ الفِناءِ فرُبَّما *** أقامَ به بعدَ الوُفودِ وُفودُ
أَخي ثقةٍ لا تُهْلِكُ الخمرُ مالَه *** ولكنَّه قد يُهْلِكُ المالَ نائِلُهْ
قال الشيخ : " وكونُ " قد " إذا دَخَلَت على المضارعِ أفادَتِ التكثير قولٌ لبعضِ النحاةِ . وليس بصحيحٍ ، وإنما التكثيرُ مفهومٌ من السِّياق . والصحيحُ : أنَّ " رُبَّ " للتقليلِ للشيءِ ، أو لتقليلِ نظيرِه . وإنْ فُهِم تكثيرٌ فمِنْ السِّياقِ لا منها " .
{ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ } في " يوم " وجهان أحدُهما : أنه مفعولٌ به لا ظرفٌ لعطفِه على قولِه : { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } أي : يعلمُ الذي أنتم عليه مِنْ جميعِ أحوالِكم ، ويَعْلَمُ يومَ يُرْجَعُون كقولِه : { إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ } { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } . والثاني : أنه ظرفٌ لشيءٍ محذوف . قال ابن عطية : " ويجوزُ أَنْ يكونَ التقديرُ : والعلمُ الظاهرُ لكم أو نحو هذا يومَ ، فيكونُ النصبُ على الظرفِ " انتهى .
وقرأ العامَّةُ " يُرْجَعون " مبنياً للمفعول . وأبو عمرو في آخرين مبنياً للفاعلِ . وعلى كلتا القراءتين فيجوزُ وجهان ، أحدهما : أَنْ يكونَ في الكلامِ التفاتٌ من الخطابِ في قولِه : { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } إلى الغَيْبة في قوله : " يُرْجَعون " . والثاني : أنَّ " ما أنتم عليه " خطابٌ عامٌّ لكلِّ أحدٍ . والضميرُ في " يُرْجَعُون " للمنافقين خاصةً ، فلا التفاتَ حينئذٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.