البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ وَيَوۡمَ يُرۡجَعُونَ إِلَيۡهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (64)

{ ألا إن لله ما في السموات والأرض } هذا كالدلالة على قدرته تعالى عليهما وعلى المكلف فيما يعامله به من المجازاة من ثوابه وعقابه .

{ قد يعلم ما أنتم عليه } أي من مخالفة أمر الله وأمر رسوله وفيه تهديد ووعيد ، والظاهر أنه خطاب للمنافقين .

وقال الزمخشري : ادخل { قد } ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق ، ويرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد وذلك أن قد إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى ربما ، فوافقت ربما في خروجها إلى معنى التنكير في نحو قوله :

فإن يمس مهجور الفناء فربما *** أقام به بعد الوفود وفود

ونحو من ذلك قول زهير :

أخي ثقة لا يهلك الخمر ماله *** ولكنه قد يهلك المال نائله

انتهى .

وكون قد إذا دخلت على المضارع أفادت التكثير قول بعض النحاة وليس بصحيح ، وإنما التكثير مفهوم من سياقة الكلام في المدح والصحيح في رب إنها لتقليل الشيء أو تقليل نظيره فإن فهم تكثير فليس ذلك من رب .

ولا قد إنما هو من سياقه الكلام ، وقد بين ذلك في علم النحو .

وقرأ الجمهور { يُرجعون } مبنياً للمفعول .

وقرأ ابن يعمر وابن أبي إسحاق وأبو عمرو مبنياً للفاعل .

والتفت من ضمير الخطاب في { أنتم } إلى ضمير الغيبة في { يرجعون } ويجوز أن يكون { ما أنتم عليه } خطاباً عاماً ويكون { يرجعون } للمنافقين .

والظاهر عطف { ويوم } على { ما أنتم عليه } فنصبه نصب المفعول .

قال ابن عطية : ويجوز أن يكون التقديم والعلم الظاهر لكم أو نحو هذا يوم فيكون النصب على الظرف .