مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ وَيَوۡمَ يُرۡجَعُونَ إِلَيۡهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (64)

أما قوله تعالى : { ألا إن لله ما في السماوات والأرض } فذاك كالدلالة على قدرته تعالى عليهما وعلى ما بينهما وما فيهما ، واقتداره على المكلف فيما يعامل به من المجازاة بثواب أو بعقاب ، وعلمه بما يخفيه ويعلنه ، وكل ذلك كالزجر عن مخالفة أمره .

أما قوله تعالى : { قد يعلم ما أنتم عليه } فإنما أدخل { قد } لتوكيد علمه بما هم عليه من المخالفة في الدين والنفاق . ويرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد : وذلك لأن قد إذا أدخلت على المضارع كانت بمعنى ربما ، فوافقت ربما في خروجها إلى معنى التكثير . كما في قوله الشاعر :

فإن يمس مهجور الفناء فربما *** أقام به بعد الوفود وفود

والخطاب والغيبة في قوله تعالى : { قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه } يجوز أن يكونا جميعا للمنافقين على طريق الالتفات ، ويجوز أن يكون ما أنتم عليه عاما ويرجعون للمنافقين ، وقد تقدم في غير موضع أن الرجوع إليه هو الرجوع إلى حيث لا حكم إلا له فلا وجه لإعادته ، والله أعلم .

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم