السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ وَيَوۡمَ يُرۡجَعُونَ إِلَيۡهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (64)

ولما أقام تعالى الأدلة على أنه نور السماوات والأرض وختم بالتحذير لكل مخالف أنتج ذلك أن له كل شيء فقال تعالى : { ألا إن لله ما في السماوات والأرض } خلقاً وملكاً وعبيداً ، فإن قيل : ما فائدة ذكر عبيداً بعد ملكاً ؟ أجيب : عنه إنما ذكر لئلا يتوهم أن ما لما لا يعقل فقط ، ولما كانت أحوالهم من جملة ما هو له ، وإنها بخلقه قال تعالى : { قد يعلم ما أنتم } أي : أيها المكلفون { عليه } أي : من الموافقة والمخالفة والإخلاص والنفاق ، وإنما أكد علمه بقد لتأكيد الوعيد ، وذلك أنَّ قد إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى ربما ، فوافقت ربما في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قول بعضهم :

فإن تمس مهجور الفناء فربما *** أقام به بعد الوفود وفود

ونحوه يقول زهير :

أخي ثقة لا تهلك الخمر *** ماله ولكنه قد يهلك المال نائله

والمعنى : أن جميع ما في السماوات والأرض مختص به تعالى فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين ، وإن كانوا يجتهدون في سترها عن العيون وإخفائها ؟ وقوله تعالى : { ويوم } أي : ويعلم يوم { يرجعون إليه } فيه التفات عن الخطاب أي : متى تكون ، أو ويوم يرجع المنافقون إليه للجزاء { فينبئهم } أي : فتسبب عن ذلك أنه يخبرهم { بما عملوا } أي : من الخير والشر فيجازيهم عليه { والله } أي : الذي لا تخفى عليه خافية { بكل شيء } أي : من أعمالهم وغيرها { عليم } .

ختام السورة:

عن عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبويها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور » أخرجه أبو عبد الله في البيع في صحيحه ، وأما قول البيضاوي : تبعاً للكشاف : «من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقي » فهو حديث موضوع .