الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَلَآ إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ وَيَوۡمَ يُرۡجَعُونَ إِلَيۡهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ} (64)

أدخل { قَدْ } ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق ومرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد ، وذلك أن { قَدْ } إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى «ربما » فوافقت «ربما » في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قوله :

فَإنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الفِنَاءِ فَرُبَّمَا *** أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الْوُفُودِ وُفُودُ

ونحوه قول زهير :

أَخِي ثِقَةٍ لاَ تُهْلِكُ الْخَمْرُ مَالَه *** وَلَكِنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ الْمَالَ نَائِلُهْ

والمعنى : أنّ جميع ما في السموات والأرض مختصّة به خلقاً وملكاً وعلماً ، فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين وإن كانوا يجتهدون في سترها عن العيون وإخفائها ، وسينبئهم يوم القيامة بما أبطنوا من سوء أعمالهم وسيجازيهم حق جزائهم . والخطاب والغيبة في قوله : { قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ } يجوز أن يكونا جميعاً للمنافقين على طريق الالتفات . ويجوز أن يكون { مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ } عاماً ؛ و { يَرْجِعُونَ } للمنافقين ، والله أعلم .

ختام السورة:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأَ سُورَةَ النورِ أَعطِي من الأجرِ عشرَ حسناتٍ بعددِ كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ فيما مضَى وفيما بقى " .