قوله : { إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ } : في هذه الجملةِ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنَّها في محلِّ نصبٍ صفةً لمفعولٍ محذوفٍ ، فقدِّره الزمخشريُّ تابعاً للزجَّاج : " وما أَرْسَلْنا قبلَك أحداً من المرسلين إلاَّ آكلين وماشِين " وإنما حُذِف لمكانِ الجارِّ بعدَه . وقَدَّره ابنُ عطية : " رجالاً أو رُسُلاً " . والضميرُ في " إنهم " وما بعدَه عائدٌ على هذا الموصوفِ المحذوفِ . والثاني : أنه لا محلَّ لها من الإِعرابِ ، وإنما هي صلةٌ لموصولٍ محذوفٍ هو المفعولُ لأَرْسَلْنا ، تقديرُه : إلاَّ مَنْ إنهم ، فالضميرُ في " إنهم " وما بعدَه عائدٌ على معنى " مَنْ " المقدرةِ ، وإليه ذهب الفراء . وهو مردودٌ : بأنَّ حَذْفَ الموصولِ لا يجوزُ إلاَّ في مواضعَ تَقَدَّم التنبيهُ عليها في البقرةِ . الثالث : أنَّ الجملةَ محلُّها النصبُ على الحالِ . وإليه ذهب أبو بكر بن الأنباري . قال : التقديرُ : إلاَّ وإنهم ، يعني أنَّها حاليةٌ ، فقدَّر معها الواوَ بياناً للحالية . ورُدَّ : بكونِ ما بعدَ " إلاَّ " صفةً لِما قبلَها . وقدَّره أبو البقاء أيضاً .
والعامَّةُ على كسرِ " إنَّ " لوجودِ اللامِ في خبرِها ، ولكونِ الجملةِ حالاً على الراجحِ . قال أبو البقاء : " وقيل : لو لم تكنِ اللامُ لكُسِرَتْ أيضاً ؛ لأنَّ الجملةَ حاليةٌ ، إذ المعنى : إلاَّ وهم [ يأْكلون " ] . وقُرِىء " أنهم " بالفتح على زيادةِ اللامِ ، و " أَنْ " مصدريةٌ . التقدير : إلاَّ لأنَّهم . أي : ما جَعَلْناهم رسلاً إلى الناسِ إلاَّ لكونِهم مِثْلَهم .
وقرأ العامَّةُ " يَمْشُوْن " خفيفةً . وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعبد الله " يُمَشَّوْن " مشدَّداً مبنياً للمفعولِ . أي : تُمَشِّيهم حوائجُهم أو الناسُ . وقرأ [ أبو ] عبد الرحمن " يُمَشُّون " بالتشديدِ مبنياً للفاعل ، وهي بمعنى " يَمْشُون " . قال الشاعر :
ومَشَّى بأعطانِ المَبَأءَةِ وابْتَغَى *** قلائِصَ مِنْها صَعْبَةٌ ورَكُوْبُ
قال الزمخشري : " ولو قُرِىء " يُمَشُّون " لكان أوجهَ ، لولا الروايةُ " يعني بالتشديد . قلت : قد قرأ بها السُّلَمِيُّ ولله الحمد .
قوله : { أَتَصْبِرُونَ } المعادِلُ محذوفٌ أي : أم لا تصبرون . وهذه الجملةُ الاستفهاميةُ قال الزمخشري : " موقعُها بعد الفتنةِ موقع " أيُّكم " بعد الابتلاءِ في قولهِ { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ } [ الملك : 2 ] يعني أنها معلَّقةٌ لِما فيها مِنْ معنى فِعْلِ القلبِ ، فتكونُ منصوبةَ المحلِّ على إسقاطِ الخافضِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.