قوله : { وَيْكَأَنَّ اللَّهَ } : و " ويْكَأنَّه " فيه مذاهبُ منها : أنَّ " وَيْ " كلمةٌ برأسِها وهي اسمُ فعلٍ معناها أَعْجَبُ أي أنا . والكافُ للتعليل ، وأنَّ وما في حَيِّزها مجرورةٌ بها أي : أَعْجب لأنه لا يفلحُ الكافرون ، وسُمِع " كما أنه لا يَعْلَمُ غفر اللهُ له " . وقياسُ هذا القولِ أَنْ يُوْقَفَ على " وَيْ " وحدها ، وقد فعل ذلك الكسائيُّ . إلاَّ أنه يُنْقل عنه أنه يُعتقدُ في الكلمةِ أنَّ أصلَها : وَيْلَكَ كما سيأتي ، وهذا يُنافي وَقْفَه . وأنشد سيبويه :
وَيْ كأنْ مَنْ يكنْ له نَشَبٌ يُحْ *** بَبْ ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عيشَ ضُرِّ
الثاني : قال بعضهم : قوله : " كأنَّ " هنا للتشبيه ، إلاَّ أنه ذهب منها معناه ، وصارت للخبرِ واليقين . وأنشد :
كأنني حين أُمْسِي لا تُكَلِّمُني *** مُتَيَّمٌ يَشْتهي ما ليس موجودا
وهذا أيضاً يناسِبُه الوقفُ على " وَيْ " .
الثالث : أنَّ " وَيْكَ " كلمةٌ برأسِها ، والكافَ حرفُ خطابٍ ، و " أنَّ " معمولٌه محذوفٌ أي : أعلمُ أنه لا يُفْلِحُ . قاله الأخفش . وعليه قولُه :
ألا وَيْكَ المَسَرَّةُ لا تَدُوْمُ *** ولا يَبْقى على البؤسِ النعيمُ
ولقد شَفَى نفسي وأَبْرَأَ سُقْمَها/ *** قيلُ الفوارسِ وَيْكَ عنترَ أَقْدمِ
وحقُّه أَنْ يقفَ على " وَيْكَ " وقد فعله أبو عمرو بن العلاء .
الرابع : أنَّ أصلَها وَيْلك فحذف . وإليه ذهب الكسائيُّ ويونس وأبو حاتم . وحقُّهم أَنْ يقفوا على الكافِ كما فعل أبو عمرٍو . ومَنْ قال بهذا استشهد بالبيتين المتقدمين ؛ فإنه يُحتمل أَنْ يكونَ الأصلُ فيهما : وَيْلَكَ ، فحذف . ولم يُرسَمْ في القرآن إلاَّ : وَيْكأنَّ ، ويْكَأنَّه متصلةً في الموضعين ، فعامَّةُ القراءِ اتَّبعوة الرسمَ ، والكسائيُّ وقف على " وَيْ " ، وأبو عمرٍو على وَيْكَ . وهذا كلُّه في وَقْفِ الاختبارِ دونَ الاختيارِ كنظائرَ تقدَّمَتْ .
الخامس : أنَّ " وَيْكأنَّ " كلَّها كلمةٌ متصلةٌ بسيطةٌ ، ومعناها : ألم تَرَ ، ورُبَّما نُقِل ذلك عن ابن عباس . ونَقَلَ الكسائيُّ والفراء أنها بمعنى : أما ترى إلى صُنْعِ الله . وحكى ابن قتيبة أنها بمعنى : رَحْمَةً لك ، في لغة حِمْير .
قوله : { لَوْلا أَن مَّنَّ } قرأ الأعمشُ " لولا مَنَّ " بحذفِ " أنْ " وهي مُرادةٌ ؛ لأنَّ " لولا " هذه لا يَليها إلاَّ المبتدأُ . وعنه " مَنُّ " برفع النونِ وجَرِّ الجلالةِ وهي واضحةٌ .
قوله : { لَخَسَفَ } حفص : " لَخَسَفَ " مبنياً للفاعل أي : الله تعالى . والباقون ببنائِه للمفعولِ . و " بنا " هو القائمُ مَقامَ الفاعلِ . وعبد الله وطلحةُ " لا نْخُسِفَ بنا " أي : المكان . وقيل : " بنا " هو القائمُ مَقامَ الفاعلِ ، كقولك " انقُطِع بنا " وهي عبارةٌ . . . وقيل : الفاعلُ ضميرُ المَصدرِ أي : لا نخسَفَ الانخسافَ ، وهي عِيٌّ أيضاً . وعن عبدِ الله " لَتُخُسِّفَ " بتاءٍ من فوقُ وتشديدِ السين مبنياً للمفعولِ ، و " بنا " قائمةٌ مقامَه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.